أيضا (١) ، وإنما لم يكن التعبد بصدوره (٢) لذلك (٣) إذا كان معارضه المخالف قطعيا بحسب السند والدلالة ؛ لتعيين حمله على التقية حينئذ (٤) لا محالة.
ولعمري أن ما ذكرناه (٥) أوضح من أن يخفى (٦) على مثله ، إلّا إن الخطأ والنسيان كالطبيعة الثانية للإنسان ، عصمنا الله من زلل الأقدام في كل ورطة ومقام.
ثم إنّ هذا (٧) كله إنما هو بملاحظة أن هذا ...
______________________________________________________
وصدوره تقية ـ قد ظهر الإشكال في مقايسة الظني الموافق بالقطعي الموافق في عدم تعقل التعبّد بالصدور ، وأنه لا وجه لمنع تعقل التعبد في شيء من الموافق القطعي والظني ، وذلك لوضوح كفاية احتمال الصدور الموافق لبيان الحكم الواقعي في الموافق القطعي في صحة التعبد به وشمول دليل الاعتبار له ، غاية الأمر : أن في الموافق الظني احتمالات ثلاثة : عدم الصدور ، والصدور تقية ، والصدور لبيان الحكم الواقعي ، وفي الموافق القطعي احتمالين : صدوره تقية ، وصدوره لبيان الحكم الواقعي. وكثرة الاحتمال وقلّته لا توجبان الفرق بينهما في تعقل التعبد وعدمه.
(١) يعني : كإمكان التعبد بصدور الموافق الظني.
(٢) أي : بصدور الموافق القطعي.
غرضه : أن عدم تعقّل التعبد بصدور الموافق القطعي لبيان الحكم الواقعي كما ذكره بقوله المتقدم آنفا : «كما أنه لا يعقل التعبد بالقطعي الصدور الموافق» ، إنما يكون فيما إذا كان الخبر المعارض المخالف له قطعيا سندا ودلالة ، إذ يتعيّن حينئذ حمل الموافق القطعي على التقية.
(٣) أي : لبيان الحكم الواقعي.
(٤) أي : قطعية الخبر المخالف للعامة ، وضمير «حمله» راجع إلى «الموافق».
(٥) أي : أن ما ذكرناه ـ من ردّ ما أفاده المحقق الرشتي ـ ممّا لا ينبغي أن يخفى على مثله ، إلّا إن النسيان لا يفارق الإنسان ؛ بل هو كالطبيعة الثانية له.
(٦) هذا من العبارات المشهورة التي لم يظهر لها إلى الآن معنى يصحّ الركون إليه بالنظر إلى القاعدة الأدبية من اشتراك المفضل والمفضل عليه في المبدأ ، فإن هذه القاعدة لا تنطبق عليه ؛ إذ معناه : أن ما ذكرناه أوضح من الخفاء ، وهذا كما ترى.
(٧) أي : ثم إن جميع ما تقدم إلى هنا من تقدّم الأرجح صدورا على المخالف للعامة أو بالعكس ، أو أنه لا فرق بينهما أصلا كما هو المختار لكون المعيار في التقدم هو حصول