وقد عرفت (١) : جريانه فيهما (٢) تارة ، وعدم جريانه كذلك (٣) أخرى.
فانقدح (٤) : أنه لا فرق بينهما كان الحادثان مجهولي التاريخ أو كانا مختلفين ، ولا
______________________________________________________
وغرضه من قوله : «وإنما الشك فيه» بقرينة نفي الشك عن عدمه المطلق هو : الإشارة إلى نحوين من إضافة عدم معلوم التاريخ إلى الحادث الآخر ، وهما : كون العدم ملحوظا محموليا وهو مفاد ليس التامة ، وكونه ملحوظا نعتيا وهو مفاد ليس الناقصة ، وهذه هي الصورة الرابعة أعني : كون العدم نعتيا.
وبالجملة : فلم يذكر الصورة الرابعة صريحا ، وإنما ذكرها بعنوان عام وهو العدم المضاف إلى حادث آخر الشامل للصورة الرابعة وهي العدم النعتي ، والثالثة وهي العدم المحمولي.
فإن لوحظ هذا العدم المضاف محموليا بأن يكون عدمه بنحو خاص من التقدم على الحادث الآخر وتأخره عنه أو مقارنته له موضوعا للحكم الشرعي جرى الاستصحاب فيهما ؛ لكن يسقط بالتعارض ، وإن لوحظ هذا العدم نعتيا ؛ بأن يكون متصفا بوصف التقدم أو ضديه ، فلا يجري فيهما الاستصحاب ؛ لعدم اليقين السابق بهذا الاتصاف.
(١) أشار بهذا إلى أحكام صور الحادثين المعلوم تاريخ أحدهما دون الآخر.
(٢) أي : في الحادثين المعلوم تاريخ أحدهما فيما إذا كان الأثر مترتبا على وجود كل منهما محموليا بنحو خاص من التقدم وضديه ، فإن الاستصحاب يجري فيهما ؛ لكنه يسقط بالتعارض.
(٣) أي : في الحادثين اللذين يترتب الأثر على وجودهما أو عدمهما نعتيا ، فإن عدم جريانه حينئذ : إنما هو لأجل عدم اليقين السابق بهذا الاتصاف ، فأوّل ركني الاستصحاب فيهما مفقود.
(٤) هذا حاصل أبحاث الحادثين من مجهولي التاريخ والمختلفين ، وتعريض بالشيخ الأنصاري «قدسسره» ، حيث إنه اقتصر في مجهولي التاريخ على جريان أصالة العدم فيهما ، ولم يفصّل بين كيفية موضوعيتهما للأثر الشرعي من حيث الوجود المحمولي والنعتي ، وكذا العدم بمفاد ليس التامة والناقصة.
مع أنه لا بد من جريان الاستصحاب في أحدهما بلا مانع إذا ترتب الأثر عليه فقط دون الحادث الآخر ، ودون ترتب الأثر على نحو آخر من أنحاء ذلك الحادث ، وإلّا يجري الاستصحاب فيهما أو في نحوي ذلك الحادث ويسقط بالتعارض ، فإطلاق كلامه في جريان أصالة العدم في مجهولي التاريخ لا يخلو من الغموض.