والاعتقاد بمعنى : عقد القلب عليها (١) من الأعمال القلبية الاختيارية (٢) ، فكذا (٣) لا إشكال في الاستصحاب فيها حكما ، وكذا موضوعا (٤) ...
______________________________________________________
(١) أشار بهذا التفسير إلى مغايرة الاعتقاد لليقين ، فإن الثاني مقابل الجهل ، والأول مقابل الجحود والإنكار ولو مع اليقين كما يشهد به قوله تعالى : (جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا)(١) ، وكذا الوجدان ، فإن بعض الناس مع علمه بأفضلية غيره منه لا يلتزم بذلك ، ولا يعقد قلبه عليه لجهات خارجية.
ومن هنا يقال : إن بعض خلفاء الجور مع تيقنه بإمامة من عاصره من الأئمة الطاهرين «صلوات الله عليهم أجمعين» لم يلتزم بما تيقنه ، ولم يؤد وظيفته بالنسبة إليه «عليهالسلام» ؛ بل ظلمه وجفاه.
وبالجملة : فلا ينبغي الارتياب في مغايرة الاعتقاد لليقين كما هو المحكي عن أكثر المتكلمين أيضا ، وأن النسبة بينهما عموم من وجه ؛ لاجتماعهما في الأصول الاعتقادية التي يكون المطلوب فيها كلا من اليقين وعقد القلب ، وافتراقهما من ناحية الاعتقاد بخصوصيات البرزخ والحساب والميزان والحوض وكيفيات تعذيب العصاة ، ومن ناحية اليقين بحصول العلم بنبوة الرسول الأعظم «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لأكثر أهل النفاق مع عدم اعتقادهم والتزامهم بذلك.
(٢) غرضه : أن الانقياد والتسليم وعقد القلب تعدّ أعمالا وإن كانت صادرة من الجوانح ، وهي اختيارية ، فيصح تعلق التكليف بها ، وكذا استصحابه لو شك في بقائه. وقد عرفت أن الاعتقاد ليس هو اليقين ، وإلّا لاندرج في القسم الثاني الآتي.
وبالجملة : فجريان الاستصحاب في وجوب الاعتقاد منوط بأمور ثلاثة :
أحدها : كون الاعتقاد عملا اختياريا وإن كان قلبيا.
ثانيها : مغايرته لليقين ؛ إذ مع الاتحاد يندرج في الأمور الاعتقادية التي يكون المطلوب فيها المعرفة.
ثالثها : عدم التلازم بين الاعتقاد واليقين ؛ إذ معه كما عن بعض المحققين : لا يعقل الشك في بقاء اللازم مع انتفاء الملزوم وهو اليقين.
(٣) جواب «وأما الأمور الاعتقادية» يعني : فلا إشكال في جريان الاستصحاب هنا ، كعدم الإشكال في جريانه في الموضوعات الصرفة واللغوية.
(٤) وقد عرفت أمثلة كل من الاستصحاب الموضوعي والحكمي عند شرح قوله :
__________________
(١) النمل : ١٤.