له (١) في نفس النبوة إذا كانت ناشئة من كمال النفس (٢) بمثابة يوحى إليها ، وكانت (٣) لازمة لبعض مراتب كمالها ؛ إما (٤) لعدم الشك فيها بعد اتصاف النفس بها ، أو لعدم (٥) كونها مجعولة ؛ بل من الصفات الخارجية التكوينية ، ولو (٦) فرض
______________________________________________________
فإن قلت : وجوب العمل بأحكام شريعته من آثار بقاء نبوته ، فكيف لا يكون لبقائها أثر شرعي؟
قلت : وجوب العمل بالأحكام ليس من آثار النبوة بهذا المعنى حتى يترتب على استصحابها ؛ إذ لو علم ببقائها بهذا المعنى لا يجب أيضا العمل بأحكام شريعته مع العلم بحدوث شريعة أخرى ناسخة بسبب بعث نبي آخر ، فوجوب العمل بالأحكام أثر بقاء النبوة بالمعنى الثاني أي : المنصب الإلهي الذي هو من سنخ الأمور الاعتبارية ، وهذا كما سيأتي يجري فيه الاستصحاب ويترتب عليه آثاره الشرعية.
هذا كله في حكم النبوة بمعنى : الملكة القدسية الباقية ببقاء نفسه المطمئنة في العوالم والنشآت.
وإن أريد بها المعنى الثاني : فسيأتي حكم الاستصحاب فيه فانتظر.
(١) أي : للاستصحاب وضمير «أنه» للشأن.
(٢) هذا إشارة إلى النبوة بالمعنى الأول ، وهو ما ينشأ من كمال النفس.
(٣) معطوف على «كانت» ، يعني : وكانت النبوة لازمة لبعض مراتب كمال النفس.
(٤) بيان لوجه قوله : «لا مجال له» ، وقد ذكر لعدم المجال لجريان الاستصحاب في النبوة بالمعنى الأول وجهين على سبيل منع الخلو ـ متقدمين آنفا بقولنا : «فإن أريد بها المعنى الأول فلا يجري فيها الاستصحاب ...» الخ ـ الأول : عدم الشك في بقائها ، الثاني : كونها من الصفات التكوينية ، فلا يجري فيها الاستصحاب ولو مع الشك في بقائها ؛ لاحتمال انحطاط النفس عن تلك المرتبة العالية ؛ وذلك لعدم كونها من المجعولات الشرعية ولا مما يترتب عليه حكم شرعي ، ومن المعلوم : توقف جريان الاستصحاب على تحقق أحدهما. وضميرا «فيها ، بها» راجعان إلى «النبوة».
(٥) معطوف على «لعدم الشك» ، وهذا إشارة إلى ثاني وجهي عدم جريان الاستصحاب الذي تقدم بقولنا : «الثاني : كونها من الصفات التكوينية».
(٦) وصلية ، غرضه : أن الاستصحاب لا يجري في النبوة بالمعنى الأول ، ولو فرض الشك في بقائها الذي هو ثاني ركني الاستصحاب ، لما عرفت : من عدم كون النبوة بهذا المعنى حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي. وضمير «بقائها» راجع إلى «النبوة».