وعدم (١) الدليل على التعبد بشريعته لا عقلا ولا شرعا (٢). والاتكال (٣) على قيامه في شريعتنا لا يكاد (٤) يجديه إلّا على نحو محال ...
______________________________________________________
بقاء النبوة المجعولة ، حيث إن معرفة النبي ليست بأقل من الأحكام العملية الفرعية التي لا يجوز استصحابها إلّا بعد الفحص واليأس عن الناسخ والمخصص والمقيد ، فلا وجه لاستصحاب النبوة قبل الفحص عن ورود شريعة أخرى وعدمه ، ومن المعلوم : أن الكتابي لو تفحص ولم يكن ممن أعمى الله قلبه لاستبصر وأذعن بالحق.
(١) معطوف على «لزوم» ، وهذا إشارة إلى أن الكتابي إذا أراد التعبد بشريعة موسى «عليهالسلام» فكلا ركني الاستصحاب وهما اليقين والشك وإن كانا موجودين ؛ لكن الشرط الثالث المتقدم بقولنا : «الثالث : الاعتقاد بحجية الاستصحاب وقيام الدليل عليها» مفقود ؛ لعدم الدليل على اعتباره هنا لا عقلا ولا شرعا.
أما الأول : فلأن البناء على الحالة السابقة المتيقنة عند الشك في بقائها ليس من المستقلات العقلية كحسن الإطاعة وقبح المعصية. ولو سلم كونه مما استقرت عليه سيرة العقلاء : فاعتباره منوط بإمضاء الشرع ، فيرجع ذلك إلى الدليل الشرعي ، فإن كان الإمضاء من الشرع السابق فاستصحاب النبوة السابقة يتوقف على ثبوتها ، وثبوتها على استصحاب النبوة ، وهذا دور. وإن كان الإمضاء من الشرع اللاحق : لزم الخلف ، وهو ارتفاع النبوة السابقة بالنسخ.
وأما الثاني : فهو عين ما ذكر في دليل إمضاء بناء العقلاء.
(٢) قد عرفت تقريب عدم الدليل عقلا وشرعا على اعتبار الاستصحاب في جواز التعبد بالشريعة السابقة مع الشك فيها.
(٣) هذا إشارة إلى دفع توهم ، وهو عدم تسليم قوله : «ولا شرعا» بتقريب : أن قيام الدليل على اعتبار الاستصحاب في شرعنا كاف في ثبوت الدليل الشرعي على اعتباره ، وضمير «قيامه» راجع إلى الدليل.
(٤) هذا دفع التوهم : وحاصله كما مر : أن اعتبار الاستصحاب في شريعتنا لا يجدي الكتابي أصلا ؛ إذ لازم اعتباره في هذه الشريعة ارتفاع الشريعة السابقة ، حيث إن اعتقاده باعتبار الاستصحاب في هذه الشريعة يتوقف على تصديق هذه الشريعة ، ضرورة : أن حجية الاستصحاب من أحكامها ، فالإذعان بحجيته موقوف على تصديق أصل الشريعة ، وتصديقها مساوق لليقين بارتفاع الشرع السابق ، فيلزم من استصحاب ذلك الشرع عدمه. وهو ما أفاده بقوله : «مجال». وضمير «يجديه» راجع على «الكتابي».