ولو خصص بخيار المجلس ونحوه (١) ، ولا يصح (٢) التمسك به فيما إذا خصص بخيار لا في أوّله (٣) ، فافهم.
______________________________________________________
(١) كخيار الحيوان وخيار الغبن بناء على ثبوته حين العقد ، وكون العلم بالغبن كاشفا عنه لا شرطا له.
(٢) معطوف على «يصح التمسك» يعني : يصح التمسك باوفوا ولا يصح التمسك به فيما إذا خصص أوفوا بخيار لا في أوّله بل في أثنائه ؛ بأن انقطع استمرار وجوب الوفاء كتخصيصه بخيار الشرط ـ المشروط بعد مضي مدة من لزوم العقد ـ للمتعاقدين أو لأحدهما ، وبخيار التأخير المتحقق فيما إذا باع شيئا ولم يقبض الثمن ولم يسلم المبيع ، فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام ، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة ؛ وإلّا فللبائع الخيار في فسخ البيع ، وبعد انقطاع اللزوم لا يصح التمسك بعد الثلاثة باوفوا لانقطاع حكمه. ففرق بين التخصيص في الأول وبينه في الأثناء ، وهو : أن إطلاق دليل اللزوم بحسب الزمان وإن كان مقتضيا لثبوت اللزوم من الأول ؛ إلّا إن الخاص منعه عن ذلك بمقدار دلالته وأما في غير ذلك المقدار كزمان افتراق المتعاقدين فلا مانع منه ، ويكون هذا الزمان مبدأ ثبوت حكم العام.
وهذا بخلاف التخصيص في الأثناء ، فإنه قاطع لاستمرار حكمه ، والمفروض : أن الزمان ظرف لا قيد له حتى يكون الموضوع أو المتعلق فردا مستقلا كي يرجع الشك في خروجه عن العام إلى الشك في التخصيص الزائد ويتمسك فيه بالعام ؛ بل لا محيص حينئذ عن الرجوع إلى استصحاب حكم الخاص.
(٣) يعني : لا في أوّل العقد كخيار المجلس ؛ بل في أثنائه كالخيارات الحادثة بعد العقد. ونظيره في التكليفيات ما إذا ورد : «أكرم العلماء تمام الشهر ، ولا تكرم زيدا في اليوم الخامس عشر» ، فلا دلالة للعام على حكم إكرام زيد في ما بقي من الشهر ؛ لانقطاع الحكم الواحد بسبب ورود الخاص في الأثناء.
قوله : «فافهم» لعله إشارة إلى أنه بناء على ظرفية الزمان لكل من العام والخاص ـ كما هو المفروض ـ لا فرق بين تخصيص العام من الأول وبين تخصيصه في الأثناء في عدم حجية العام فيما بعد زمان التخصيص ؛ لما قد يقال تارة : من امتناع التمسك بالعام مطلقا إذا كان الحكم واحدا شخصيا لا واحدا نوعيا ؛ إذ كما يمتنع تقييده في الأثناء حذرا من لزوم الخلف ؛ لاستلزام بقائه بعد التخصيص تعدد الحكم والمفروض وحدته ، فكذا يمتنع تقييده في الأول ؛ لامتناع تبعّض البسيط ، لفرض : أن المجعول حكم واحد شخصي ،