قوله من قاعدة اللطف ، وحصول العلم من الحدس ـ وظهر لك أنّ الأول هنا غير متحقّق عادة لأحد من علمائنا المدّعين للإجماع ، وأنّ الثاني ليس طريقا للعلم فلا تسمع دعوى من استند إليه ، فلم يبق ممّا يصلح أن يكون المستند في الإجماعات المتداولة على ألسنة ناقليها إلّا الحدس.
وعرفت أنّ الحدس قد يستند إلى مبادئ محسوسة ملزومة عادة لمطابقة قول الإمام عليهالسلام ، نظير العلم الحاصل من الحواسّ الظاهرة ، ونظير الحدس الحاصل لمن أخبر بالعدالة والشجاعة لمشاهدته آثارهما المحسوسة الموجبة للانتقال إليهما بحكم العادة ، أو إلى مبادئ محسوسة موجبة لعلم المدّعي بمطابقة قول الإمام عليهالسلام ، من دون ملازمة عادية ، وقد يستند إلى اجتهادات وأنظار.
وحيث لا دليل على قبول خبر العادل المستند إلى القسم الأخير من الحدس ، بل ولا المستند إلى الوجه الثاني ، ولم يكن هناك ما يعلم به كون الإخبار مستندا إلى القسم الأوّل من الحدس وجب التوقّف في العمل بنقل الإجماع ، كسائر الأخبار المعلوم استنادها إلى الحدس المردّد بين الوجوه المذكورة.
____________________________________
ولكن لا يعلمه بعينه.
والثاني : قاعدة اللطف.
والثالث : هو الحدس.
ثمّ الحدس على أقسام قد تقدّم ذكرها ، فإذا كان الإجماع مبتنيا على القسم الأول وهو الدخول ، يكون حجّة من دون شك ، ولكن هذا الطريق غير متحقّق في زمان غيبة الإمام عليهالسلام. والطريق الثاني يكون باطلا كما تقدم إجمالا. فلا يبقى إلّا الطريق الثالث ، وهو على ثلاثة أقسام ، فإذا كان الإجماع مبنيا على القسم الأول منها فيكون حجّة ، وإذا كان مبنيا على القسمين الأخيرين لم يكن حجّة.
فإذن يكون الطريق الثالث مردّدا بين ما هو الصحيح وغير الصحيح ، ولا يعتنى بالإجماع المبتني على ما هو المشكوك صحة ، بل مقتضى القاعدة في مورد الشك هو عدم الحجّية ، فلا بدّ من التوقف عند الشك كما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله :
(وجب التوقّف في العمل بنقل الإجماع) ثم النسبة بين الإجماع الحدسي المبني على