______________________________________________________
وذهب المصنف في المختلف إلى عدم الاشتراط (١).
والأصح الأول.
لنا أن الوصية استيمان ، والفاسق ليس أهلا له ، لوجوب التثبت عند خبره.
أن الوصية تتضمن الركون قطعا ، والفاسق ظالم ، فلا يجوز الركون إليه لقوله تعالى : ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٢).
وان الوصية استنابة على الغير ، فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل ، بل أولى ، لأن تقصير وكيل الوكيل مجبور ببقاء الوكيل والموكل ونظرهما وتفحصهما ، وذلك من أكبر البواعث على تحرز وكيل الوكيل من تجاوز الحدود ، بخلاف الوصي ، فإن ولايته بعد موت الموصي في زمان صغر الموصى عليه إن كانت الوصية على طفل ، أو حيث لا يداخله أحد غالبا ، ولا يتتبع أفعاله إن كانت الوصية في إخراج حقوق ونحو ذلك.
احتج المصنف في المختلف بأنها نيابة ، فيتبع اختيار المنوب (٣). ويضعف بأنه ليس كل نيابة تتبع اختيار المنوب ، فإن من عجز عن الحج ووجب عليه الاستنابة ، إنما يستنيب العدل. وأيضا فإنها نيابة في حق الغير ، فيتعين فيها اعتبار العدالة.
وربما احتج بأن إيداع الفاسق جائز إجماعا ، مع أنه استئمان. والفرق ظاهر ، فإن ذلك حق للمودع وله إتلاف ما له ، فايداع الفاسق بمقتضى العادة المستمرة أولى. وأيضا فإن الفرق في الاستنابة بين ما يختص بالمنوب وغيره من حقوق الله تعالى أو حقوق الناس ثابت ، ولهذا جاز له أن يودع ما له من الفاسق ، بخلاف مال ولده.
__________________
(١) المختلف : ٥١٠.
(٢) هود : ١١٣.
(٣) المختلف : ٥١٠.