ويجبرهما الحاكم على الاجتماع ، فإن تعذر استبدل بهما ،
______________________________________________________
واستشكله المصنف في المختلف بأن فيه تخصيصا لأحدهم بالنظر ، وقد منعه الموصى من ذلك (١). واحتمل هنا الفرق بين ما إذا نهى عن التفرد ، وما إذا أطلق الوصية لهما ، فحكم بتضمين المتصرف في الأول وإن كان في محل الحاجة ، دون الثاني ، وقضية التضمين إذا نص على الاجتماع ، ولم يصرح بالنهي عن الانفراد ، وحمل قول الأصحاب بنفوذ ما لا بد منه على ما إذا أطلق.
ويشكل ذلك بان الإطلاق منزّل على ارادة الاجتماع ، وحينئذ فلا وجه للفرق ، بل التضمين متجه في الموضعين ، لأنه خلاف الموصى به. والضرورة مندفعة بالرجوع إلى الحاكم ، ومع تعذره فإلى العدل من المؤمنين. نعم ، لو تعذر الحاكم فتصرف أحدهما من حيث كونه أحد عدول المؤمنين نفذ.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أن قول المصنف : ( وحمل قول علمائنا ... ) يقتضي أن جميع علمائنا قائلون بذلك. وليس كذلك ، فإن الشيخ في المبسوط (٢) وابن إدريس (٣) غير قائلين به. وكأنه توسّع ، لأنه قول الأكثر ، والأصح أنه لا ينفذ شيء من التصرفات في الموضعين ويضمن المتصرف ، بل يتعيّن الرجوع إلى الحاكم.
قوله : ( ويجبرهما الحاكم على الاجتماع ، فإن تعذّر استبدل بهما ).
إذا تشاح الوصيان وتمانعا في الاجتماع في صورتي الإطلاق والنص على الاجتماع وجب على الحاكم إجبارهما على الاجتماع ، لأن امتثال أمر الموصي واجب عليهما. فإذا خالفا وجب منعهما من المخالفة من باب الحسبة ، فإن تعذر استبدل بهما من رآه مصلحة.
ويشكل بأنهما إذا امتنعان من الاجتماع وإصرا على ذلك يفسقان فينعزلان ، فكيف يتصور إجبارهما حينئذ؟ ولم أقف في كلام الأصحاب على تصريح بذلك ، بل
__________________
(١) المختلف : ٥١٢.
(٢) المبسوط ٤ : ٥٤.
(٣) السرائر : ٣٨٤.