أما لو أوصى بصاع من صبرة ثم صب عليها غيرها ، فإنه لا يكون
______________________________________________________
وكذا لو أوصى بهذه الحنطة فطحنها.
وقد فرق المصنف في التذكرة بين ما إذا أوصى بحنطة أو دقيق فطحنها وعجنه فإنها تبطل ، وبين ما إذا أشار إلى حنطة أو دقيق فقال : أوصيت بهذا ، أو قال : أوصيت بما في البيت ، فذكر أن في بطلان الوصية هنا إشكالا أقربه العدم إذ الاسم تعلقت الوصية به هنا (١).
وأقول : إن الاشكال آت في كل من القسمين : أما في الأول : فلأن الوصية بأمر كلي حتى لو لم يوجد في التركة حنطة ولا دقيق ولا زيت وجب الشراء ، فإذا طحن الحنطة التي عنده لم يبطل متعلق الوصية ـ وكذا غيرها ـ بل يجب أن يشتري من التركة الموصي به ويصرف إلى الموصى له. نعم ، لو تعذر وجوده أصلا بطلت الوصية ، أو قال : أعطوه من حنطة تركتي فطحنها ، فإن البطلان هنا واضح ، فيمكن حمل كلامهم على ذلك.
وأما في القسم الثاني : فلأن الوصية إذا تعلقت بعين مخصوصة لم يبطل إلاّ بتلفها ، أو بحصول القرينة الدالة على الرجوع ، كطحن الموصي الحنطة ليأكلها لا بدونها. وصيرورة الحنطة دقيقا لا تعد تلفا عرفا ، فلا تبطل الوصية بمجرده.
ولو كان الفعل المبطل للاسم صلاحا له ، كطحن الحنطة لدفع الدود عنها ، أو خبز العجين محاذرة أن يفسد ، فعدم كونه رجوعا أظهر ، إذ هو كتعليم العبد والجارية.
ولو حصل الطحن والعجن من غير اذن الموصي فبقاء الوصية أظهر ، وقد صرح به المصنف في التذكرة (٢)
قوله : ( أما لو أوصى بصاع من صبرة ثم صب عليها غيرها فإنه لا يكون رجوعا ... ).
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٥١٦.
(٢) التذكرة ٢ : ٥١٦.