وأنت ترى أنه ليس في الحديث شيء مما ذكره الآلوسي من أن الأمير عليهالسلام كان يعلم أنه صبيّ فلا طمع للكفار في قتله ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبره أن الكفار لن يضرّوه ، ولا جرم أن ذلك من تحريفه الّذي يروم ترويج سلعته
الفاسدة فيقلب الوقائع التاريخية رأسا على عقب ، ويأخذ في تأويل الأحاديث النبوية كيف شاء لأنها واردة في فضل الوصيّ وآل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكيف يا ترى أن الأمير عليهالسلام كان يعلم هذا وأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبره كما يزعم ، وأنت تراه بأمّ عينك يقول : ( أفتسلم يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : نعم ، فقال له : سمعا وطاعة وطيبة نفس بالفداء لك يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) وكيف يعقل أن يقول ذلك وهو يعلم أن الكفار لن يضروه ولكونه صبيا لن يقتلوه كما يزعم الآلوسي ، ولا شك في وضوح قوّة دلالته على ثبات الأمير عليهالسلام ورسوخ إيمانه وعدم تزلزله ، وأنه ممن لا يخافون ولا يضطربون كما اضطرب وخاف وتزلزل وحزن وبكى أشد البكاء إمامه في الغار وهو يعلم أنه لا شيء عليه إطلاقا ، ولقد فات الآلوسي أن يتمثل بقول ابن أبي الحديد الحنفي المعتزلي :
فتى لم يعرق فيه تيم بن مرّة |
|
ولا عبد اللاّت الخبيثة أعصرا |
ولا كان معزولا غداة براءة |
|
ولا عن صلاة أمّ فيها مؤخّرا |
ولا كان يوم الغار يهفو جنانه |
|
حذارا ولا يوم العريش تستّرا |
فعدم خوف الأمير عليهالسلام وعدم تزلزله ومفاداته للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه الطاهرة أكبر فضيلة له يمتاز بها على موسى الكليم عليهالسلام على أنّا قد ألمعنا فيما مضى قيام النصّ الجليّ في أفضلية عليّ عليهالسلام على موسى عليهالسلام وأن قول الآلوسي :
إن عليّا عليهالسلام دونه في الفضيلة ، لم ينبعث إلاّ عن الجهل بالأحاديث تارة والإنتصار لخلفائه (رض) مرّة ، والبغض لعليّ عليهالسلام تارة أخرى.
وأما قوله : « إذ لا منقصة على سليمان عليهالسلام في طلبه الملك لأنه طلبه ليكون دليلا وإعجازا على ثبوت نبوّته ».