المشايعة والمتابعة والموالاة لشخص المتبوع من التابع ، فلا يصح إطلاقه مطلقا لا لغة ولا عرفا ولا شرعا على من خالفه وترك إتباعه وعصى أمره ، وإلاّ لصح أن يكون إبليس شيعة لله ، وامرأة نوح عليهالسلام وابنه شيعة لنوح عليهالسلام ونمرود شيعة لإبراهيم عليهالسلام وفرعون شيعة لموسى عليهالسلام وأبو جهل وغيره من المشركين شيعة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي القرآن يقول الله تعالى : ( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) [ القصص : ١٥ ] ويقول تعالى : ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) [ القصص : ١٥ ] وهو يفيد أنه لا واسطة بين شيعته وبين عدوّه ، فكلّ من خالفه كان من عدوّه ، وكلّ من تابعه كان من شيعته.
فالآلوسي إما أن يقول بصحة إطلاق الشيعة على مخالفي عليّ عليهالسلام ومقاتليه أو لا يقول بصحته ، فإن قال بالأول ـ وهو قوله ـ صح أن يكون من خالف أبا بكر وعمر وعثمان (رض) وغيرهم من أوليائهم وقاتليهم شيعة لهم ، سواء أكان ذلك منهم قصدا أو من غير قصد ، أو بشبهة قويّة أوجبت عليهم المخالفة والقتال ، وهو بزعمهم من الدين وليس من الغي ـ على حدّ تعبير جدّه ـ فإن صح هذا عنده والتزم به كان طاعنا في نفسه مبذرا : ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ ) [ الإسراء : ٢٧ ] في تأليف هذا الكتاب الّذي يزعم أنه يردّ به على الّذين خالفوا أولياءه وهم شيعة لهم على ما اختاره وارتضاه ، وإلاّ كان متناقضا مبطلا لا يفهم ما يقول ، وأيّا كان فهو دليل على فساد زعمه ، فقعود الجماعة عن نصرة عليّ عليهالسلام وعدم القتال معه يمنع من إطلاق اسم الشيعة عليهم ، فإذا بطل هذا ثبت أن عبد الله بن عمر (رض) في قعوده عن نصرة عليّ عليهالسلام كان من أعدائه لا من شيعته كما يزعم الآلوسي.
الثاني : إذا كان قعود عبد الله بن عمر عن نصرة عليّ عليهالسلام تورعا واحتياطا كان ندمه عليه باطلا ؛ لأن التورع والاحتياط في الدين مما أمر به الدين وحسّنه وهو فضيلة فلا يجوز الندم على فعله بعد أن كان منه لا من غيره ، وإنّما يصح الندم على فعل المعصية دونه ، وهل قول الآلوسي بذلك إلاّ تناقض بيّن! ثم كيف يصح لعاقل أن يقول إن ابن عمر (رض) كان يهوى عليّا وبنيه عليهمالسلام الّذي هو