معنى التشيع ومع ذلك يتقاعد عن نصرته ويتورع عن إتباعه؟! ذلك مما لا يمكن ولا يكون أبدا.
الثالث : لا يصح للآلوسي أن يقول : إن الجماعة قائمون بمحبته وعارفون له فضله وإن قاتلوه واستحلّوا قتله ، سواء أكان ناشئا من غلب القضاء والقدر عليهم ـ كما يزعم ـ أو من عدائهم له عليهالسلام كما هو الصحيح لقوله تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) [ آل عمران : ٣١ ] فإنه يفيد انتفاء المحبة والتعظيم بانتفاء المتابعة مطلقا ، والقوم لم يكتفوا بترك طاعته ومتابعته دون أن يعمدوا إلى قتاله وإرادة قتله ، فهل يا ترى من شرط المحبّ أن يقاتل حبيبه ويستحلّ دمه ، أو يا هل ترى من شرطه أن يخالفه ويعصي أمره ويتقاعد عن نصرته؟
ويقابل هذا الحكم : أن المتقاعد عن نصرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تورعا واحتياطا ، ومن غلب عليه القضاء والقدر من مشركي قريش فوقع منهم ما أدّى إلى قتال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واستحلال قتله كعتبة وشيبة والوليد وأضرابهم من المشركين كلّهم كانوا قائمين بمحبته وتعظيمه ، لعدم الفرق بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام عليهالسلام في ذلك ؛ لأنه قائم مقامه وسادّ مسدّه في غير الوحي الإلهي ، لا سيما إذا لا حظنا قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصحيح المتفق عليه بين الفريقين : ( يا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي ) (١).
ويقول ابن حجر الهيتمي في الحديث السّادس عشر من الفصل الثاني ، في سرد الأحاديث الواردة في أهل البيت عليهمالسلام من الباب الحادي عشر من صواعقه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهالسلام : ( أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم ) وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين في باب فضائل أهل البيت عليهمالسلام فإذا صح هذا للآلوسي صح له ذلك وهذا مناف لما أوردناه من أدلّة.
__________________
(١) المستدرك للحاكم النيسابوري : ٣ / ١٤٩ في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ، سنن الترمذي : ٥ / ٢٢٧ ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ٧ / ١٢٧ ، وغيرهم من حفاظ أهل السنّة.