الرابع : إذا لم يكن قتال طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة لعليّ عليهالسلام يوم الجمل مقصودا بل وقع من غير قصد كما يزعم ، يلزمه أن يقول إن الّذين قاتلوه عليهالسلام يوم البصرة وعلى رأسهم طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة كلّهم كانوا مجانين أو بهائم وتلك قضية تعليله ( بأن القتال وقع عن غير قصد ) وما يقع عن غير قصد لا يكون إلاّ فعل المجانين أو فعل البهائم أو الأطفال.
فإن كانوا مجانين كما يقتضيه تعليله بطل قوله إنهم كانوا محبين له عارفين له فضله ؛ لأن ذلك لا يصح من المجانين ولا يدركونه ، وإن كانوا عاقلين فاهمين كما هو الصحيح ، كانوا قاصدين عامدين مصرّين على قتاله عليهالسلام وعالمين بما هم قادمون عليه ، فيدخلون جميعا في قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يا عليّ حربك حربي وسلمك سلمي ) ولا شك في أن حرب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ضلال ونفاق ، فكذلك حرب عليّ عليهالسلام مثله ضلال ونفاق.
الخامس : ليس من التورع والاحتياط في شيء التقاعد عن نصرة عليّ عليهالسلام وذلك لدخول المتقاعد حينئذ في الخاذلين له عليهالسلام فيكون مشمولا لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث الغدير المتواتر نقله بين الفريقين : ( من كنت مولاه فعليّ مولاه ، أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، وأحبب من أحبّه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحقّ معه حيث دار ) (١) إذ لا شك في أن
__________________
(١) أخرجه ابن عقدة في كتابه عن خمس ومائة من الصحابة بخمس ومائة طريق ، وأخرجه الطبري عن خمسة وسبعين من الصحابة بخمس وسبعين طريقا ، كما أخرجه الجزري في جامع الأصول عن خمسة وستين صحابيا بخمس وستين طريقا كلّها صحيحة ، وكلّ هؤلاء علم من أعلام أهل السنّة الّذين صنّفوا كتبا خاصة في حديث الغدير.
قال ابن حجر في صواعقه ، الشبهة الحادية عشرة من شبهاته : إن الذهبي ـ مع تعنته ـ قد صحح عدّة طرق من طرق حديث الغدير ، وأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لأصحابه يوم غدير خم : ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ـ يكررها ثلاثا ـ فأجابوه ثلاثا : بلى ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله ، وأحبّ من أحبه وابغض من أبغضه ، وأدر الحق معه حيث دار ).