المتقاعد عن نصرته عليهالسلام يكون خاذلا له عليهالسلام ومن خذله عليهالسلام ولم ينصره فقد خذله الله كما يقتضيه نصّ الحديث ، والغريب من عبد الله بن عمر (رض) أنك تراه يترك بيعة عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام حقا ويتقاعد عن نصرته تورعا واحتياطا ـ كما يزعم الآلوسي ـ ثم هو يدخل على الحجاج بن يوسف الثقفي ـ المشهور بسفك دماء الأبرياء ـ ويقول له : أخشى أن أموت ولم أكن قد بايعت أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان الأموي فمد يدك حتّى أبايع ، فقال له الحجاج : إن يدي مشغولة فهاك رجلي ، فمسح على رجله ثم انصرف.
السّادس : لو كان كل من الفريقين معذورا ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ، لتعدّى ذلك إلى كلّ من الفريقين ـ فريق المشركين أعداء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفريق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكان كلّ من الفريقين معذورا ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ، وذلك لما تقدّم ثبوته بواضح الدليل أن حرب عليّ عليهالسلام هي حرب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا صحّ عذر المحاربين لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان مقبولا صح عذر المقاتلين عليّا عليهالسلام وكان مقبولا ، وهذا كفر صراح وذلك مثله كفر صراح.
السّابع : لو كان المقاتلون عليّا عليهالسلام يوم الجمل معذورين في قتالهم له عليهالسلام لكان قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للزبير : « تقاتل عليّا وأنت له ظالم » (١) باطلا ، وإبطال قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مروق عن الإسلام ، وفي القرآن : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) [ غافر : ٥٢ ].
الثامن : لو كان معاوية وأصحابه معذورين في قتال عليّ عليهالسلام بصفين لكان قول الآلوسي وجدّه في معاوية وأتباعه أنهم من رؤساء الفرقة الباغية على عليّ عليهالسلام باطلا لا معنى له ؛ وذلك لأنهم من الدعاة إلى النّار ، والداعي إلى النّار لا يكون معذورا قطعا ، وقد جاء التنصيص عليه في حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) أخرجه الحاكم في مستدركه : ٣ / ٩٣٣. في باب فضائل عليّ عليهالسلام وحكاه ابن عبد البر في استيعابه ص : ٢٠٩ من جزئه الأول في ترجمة عليّ عليهالسلام وابن قتيبة في الإمامة والسياسة في واقعة الجمل ، وابن عبد ربّه في العقد الفريد ( ص : ١٠٠ ) من جزئه الثالث من الطبعة الأولى ، فلتراجع فإنه متواتر.