ثالثا : بأن النّسخ عبارة عن رفع الحكم الشرعي عن موضوعه الّذي علّق عليه لانقطاع استمراره ودوامه في الواقع ، أما زوجة المتعة فلم يثبت لها بأصل الشرع طلاق وميراث ، فأي شيء يا ترى ينسخ وهو من قبيل السّالبة المنتفية بانتفاء موضوعها؟ وإنّما لا ترث ولا يقع عليها طلاق بوجود النّص والدلالة دون النسخ ـ كما مرّ ـ ويدلّك على ذلك ما تقدم من حديث ابن جرير ، عن السدّي : وليس بينهما ميراث ليس يرث واحد منهما صاحبه ، وحديث ابن عباس المتقدم ذكره : وليس بينهما وراثة.
رابعا : لو كانت آية المتعة منسوخة بآية الطلاق والمواريث فتكون زوجة المتعة بهما محرّمة لكانت الآيتان ناسختين لآية النكاح الدائم ، لاستلزامه حرمة الزوجة المطلّقة مطلقا وحرمة الزوجة الكافرة أبدا ، لأن الأولى مطلّقة فتحرم مطلقا والثانية هي الأخرى لا ترث فتحرم أبدا وبطلانه واضح ، فإذا بطل هذا بطل ذاك ، ومن ذلك كلّه يظهر لك واضحا أن تحريم بعض الصحابة لها لم يكن إلاّ عن طريق الاجتهاد ، وهو فاسد في مقابل النصّ بل وإجماع الصحابة حتى من المحرّم نفسه كما مرّ عليك في حديث مسلم وما حكاه العيني في شرحه لصحيح البخاري.
فإن زعم أولياؤه أن تحريمه (رض) كان بطريق الرواية عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقال لهم ، أولا : يبطله فعل الصّحابة لها في عهده كما هو صريح حديث جابر : ( استمتعنا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر ) ونصّ قوله : ( كنا نستمتع الأيام على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر حتى نهى عنه عمر في شأن ابن حريث ).
ثانيا : لو كان تحريمه لها بطريق الرواية كيف خفي ذلك على عامّة الصّحابة من زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجميع خلافة أبي بكر (رض) وبعض خلافة المحرّم لها نفسه.
ثالثا : لو سلّمنا جدلا فإنه رجوع إلى قول صحابي وهو معارض بقول ابن عباس ، وابن مسعود وغيرهما من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومما يدلّ على أن تحريمه لها كان عن طريق الاجتهاد والنظر لا عن رواية ، وخبر قوله المشهور المتقدم