أو يا هل ترى أنّهم تابعوا الثّقلين بنصبهم غير عليّ عليهالسلام للخلافة ودفعهم له عليهالسلام عن منصبه الّذي نصّبه الله تعالى فيه ، فقال تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) [ القصص : ٦٨ ] إطلاقا لا في تكوين ولا في تشريع ، وقال تعالى : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) [ الأحزاب : ٣٦ ] وقد قضى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون عليّا إمام الأمة وخليفتها الأوّل بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دون من تمسّكوا به.
أو يا هل ترى تمسّكوا بالعترة بانحرافهم عنهم صلىاللهعليهوآلهوسلم في أخذ أحكامهم من الأئمة الأربعة ، أو أنهم تابعوا عترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنعهم فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إرثها من أبيها وسلبهم منها فدك ، أو أنهم تمسّكوا بأهل البيت عليهالسلام في حربهم لنفس (١) رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقتلهم وقتالهم لعترته صلىاللهعليهوآلهوسلم تحت كلّ حجر ومدر ، أو أنهم تمسّكوا بالثّقلين في نقضهم بيعة عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام يوم الغدير وطلبوا بعد ذلك البيعة منه ، وحاولوا قتله وحرق بيته ومن فيه وكان فيه فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) سيّدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة من الأولين والآخرين وريحانتا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الدنيا ، أو يا هل ترى تمسّكوا بهم بترك الرواية عن العترة عليهمالسلام في صحاحهم ومسانيدهم ، وعدم الإحتجاج بشيء منها والإعراض عنها واحتجاجهم بروايات أعدائهم ، فهذا شيخ الحديث وأجلّ حفاظ أهل السّنة قد أعرض عن الرواية عنهم لا سيّما عن الصّادق جعفر بن محمّد عليهالسلام على ما سجله ابن تيمية في منهاجه ص : (١٤٣) من جزئه الرابع حيث يقول : ( وقد استراب البخاري في بعض أحاديث ـ يعني الإمام الصادق عليهالسلام ـ لما بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام فلم يخرّج له ).
__________________
(١) كما دلّ عليه آية المباهلة من أن نفس عليّ كنفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من عليّ عليهالسلام وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّ وليس عليّ عليهالسلام نبيّا كما مرّ.
(٢) قد سجل هذا ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ، والشهرستاني في ص : (٧٣) من الملل والنحل بهامش الجزء الأول من الفصل وغيرهم من مؤرخي أهل السنة.