فقدّم في وصله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أمر الله تعالى بتأخيره وأخّر من أمر الله بتقديمه ، أو أنّه أمر الآخرين ونسي نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان داخلا في قوله تعالى : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) [ البقرة : ٤٤ ] وكلّ هذا لعمر الله كفر صراح نعوذ بالله منه.
خامسا : قوله : « ولا يدخلون ـ أي الشيعة ـ أولاد العباس في العترة ».
فيقال فيه : قد عرفت فيما تقدم أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الّذي أخرج أولاد العباس من حديثه صلىاللهعليهوآلهوسلم إخراجا ، ولم يدخلهم مع عترته موضوعا وذاتا ، فالحديث لا ينطبق على أحد منهم أبدا كما لا ينطبق المؤمن على المنافق والمسلم على الكافر ، ولقد فات الآلوسي قول أبي فراس الحمداني في قصيدته العصماء مخاطبا بني العباس (رض) ومشيرا إلى ما ارتكبوه مع عترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من ألوان العذاب والنكال والقتل والتشريد كما يحدّثنا بذلك أمناء التأريخ عند أهل السنّة ممن جاء على ذكرهم :
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت |
|
تلك الجرائم إلاّ دون نيلكم |
يا جاهدا في مساويهم يكتمها |
|
غدر الرّشيد بيحيي كيف ينكتم |
كم غدرة لكم في الدّين واضحة |
|
وكم دم لرسول الله عندكم |
وأنتم آله فيما ترون وفي |
|
أظفاركم من بنيه الطّاهرين دم |
هيهات لا قربت قربى ولا رحم |
|
يوما إذا قست الأخلاق والشّيم |
كانت مودّة سلمان لهم رحما |
|
ولم يكن بين نوح وابنه رحم (١) |
__________________
(١) يشير بقوله هذا إلى قول الله تعالى فيما اقتصّه في القرآن من خبر ابن نوح عليهالسلام : ( وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ. قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ ) كما في الآيتين ( ٤٥ ـ ٤٦ ) من سورة هود ، وفي الآية دلالة واضحة على أن الصّلاح هو الملاك في إلحاقه بأهله لا مجرد كونه خارجا من صلبه ، لذا تراه تعالى نفاه عن أهله حكما لأنه غير صالح فلا يصلح أن يكون منهم ، فبنو العباس من هذا القبيل فقد تركوا سفينة النجاة من كلّ هلكة ولم يركبوا فيها ، ولم يكتفوا بذلك ـ