فإذا كان هذا ما حكاه الله تعالى في كتابه عن مبغضي نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا كان هذا ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مبغضي عترته أهل بيته ، فكيف يجوز على شيعتهم ألاّ يبغضوا أعداء الله وأعداء رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والهداة من أهل بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم والله تعالى يقول : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) [ التوبة : ٧١ ].
وما كانت الشيعة ليخالفوا كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يبغضون من أبغضه الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن سرّ الآلوسي أن يخبّ في أثره قوم عمون ، ويقول القرآن : ( الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) [ التوبة : ٦٧ ] لذا كان طبيعيا ألاّ يبغض الآلوسي وأخوه الهندي طغاة العباسيّين ومردة الأمويّين لأنهما منهم أو من بعضهم.
فأيّ مسلم بعد هذا كلّه يشكّ في وجوب بغض المنافقين المفسدين في الأرض والعاثين فيها الفساد من العباسيين والمروانيّين وأبناء أبي سفيان الطّلقاء وأمثالهم من البغاة الّذين أماتوا الدين والمسلمين (١) حينما تملّكوا رقابها وأحيوا سنن الجبارين عند ما أخذوا بزمامها وأبادوا الأبرار بالقتل والسمّ والنار وأبقوا الأشرار المستحقّين عذاب النار : ( أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ ) [ الأنعام : ٧٠ ].
سادسا : قوله : « فهم ـ أي الشيعة ـ يبغضون أولاد فاطمة عليهالسلام ».
فيقال فيه : إنّ الشيعة لا يبغضون أبناء فاطمة عليهمالسلام وإنما يبغضون أعداءها
__________________
(١) أخرج الحاكم في مستدركه ص : (٤٨٩) من جزئه الرابع بإسناده الصحيح على شرط البخاري ومسلم إلى أبي ذر من طريقين ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ( إذا بلغ بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خولا ، ومال الله دخلا ، وكتاب الله دغلا ) وأخرج أيضا في ص : (٤٨٠) من مستدركه من جزئه الرابع والذهبي في تلخيصه معترفا بصحته على شرط الشيخين ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ( إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا ، وعباده خولا ، ودينه دغلا ).