الدجالون ، ألا ترى أنه لا يجوز لمن اقتدى في مذهبه بمذهب أبي حنيفة ، أو محمّد بن إدريس الشافعي ، أو مالك ، أو أحمد بن حنبل أن يتبرأ منهم ويلعنهم وينكر نسبة مذهبه إلى واحد منهم.
ثم أن الذين جاء الآلوسي على ذكرهم وعدّهم من الشيعة كالخطابيّين والغلاة وأضرابهم ليسوا من الشيعة ولا يصح عدّهم من فرق المسلمين ، والشيعة تتبرأ منهم كما تتبرأ من المتمردين على النفاق والمنقلبين على الأعقاب ، وتتبرأ من بطانة الشرّ كما جاء التنصيص على ذكرهم في القرآن والأحاديث المتواترة بين الفريقين ، فما ذنب الشيعة إذا كان هناك من يعتقد خلاف ما يعتقد المسلمون ، إذ لا يجوز في عرف النقد أن يطعن الآلوسي في المسلمين أجمعين لوجود بعض الطوائف تستوجب الطعن ، كما لا يصح التعويل على مزاعم ينسبها إليهم أعداؤهم ، ولا يجوز الأخذ بأباطيل يرميهم بها خصماؤهم ، ولكن الآلوسي لم يراع هذه الأصول الأصيلة في باب المناظرة مع خصومه لذا تراه يذكر عقائد بعض الغلاة الخارجين عن الإسلام بحكم الشيعة ويزعم أنهم من الشيعة ، نعوذ بالله من كلّ خوّان أثيم ونستجير به من كلّ متزلّف إلى الظالمين بالحيف على من يبغض فيلحق بهم من الدواهي وعظائم الأمور ما يقتضيه بغضه ويوجبه حقده ويوحيه إليه ضميره الخبيث ، ولا يراقب الله ولا يخشى حسابه في الآخرة : ( وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً ) [ الأعراف : ٥٨ ].
الثاني : قوله : « إن الوصيّ بعد رسول الله أمير المؤمنين وأفضل النّاس بعده وأقربهم منه ».
فيقال فيه : إن الآلوسي ذكر هذه الجملة ولم يعقبها بشيء يبطلها أو يخدش في شيء من صحتها ، ومن حيث أنه لم يأت بما يبطل هذه الدعوى علمنا صحتها ، ومع ذلك فإنا نقول له : أما كون عليّ عليهالسلام وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حقّا فثابت بالأدلة القاطعة المفيدة المقنعة لمن لم يتسربل بسربال الجهل والتعصب ، فمن ذلك ما أخرجه إمام أهل السنّة أحمد بن حنبل في مسنده ص : (١١١)