الأول : إنّ جميع ما أورده الآلوسي من الآيات إن كانت دالّة على ذلك فهي مؤكدة لحكم العقل وهو لا نزاع فيه.
ثانيا : إنّ كون هذا الحكم من الله يتوقف على معرفة الله ، فلو توقفت معرفته تعالى على أن هذا الحكم منه لزم الدور المعلوم بطلانه.
ثالثا : إنّ الآية صريحة في بطلان القياس لأنه ليس من حكم الله بل حكم الله تعالى ببطلانه كما تقدم بيانه وصريحة في بطلان خلافة الخلفاء (رض) لأن خلافتهم لم تكن بحكم الله ولا من أمره ، وإنّما كانت بحكم أهل السّقيفة ـ وهم غير الله قطعا ـ وصريحة في بطلان المذاهب الأربعة لأنها لم تكن من حكم الله ولا من أمره ، وإنّما كانت من حكم بيبرس البنقداري وأمره ـ كما تقدمت الإشارة إليه ، إلى غير ذلك مما دان به خصوم الشيعة ـ ولم يكن من حكم الله ولا من أمره في شيء يضيق الكتاب عن تعداده.
وأما قوله تعالى : ( لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) فمعناه واضح وهو : أنّه لا رادّ لحكمه ولا ناقض لقضائه ، ومع خروجه عن موضوع وجوب النّظر فيردّ على الاستدلال به عليه ما ورد على الاستدلال بما قبله من أن كون ذلك من حكمه يتوقف على معرفته ، فلو توقفت معرفته على معرفة كونه من حكمه لزم الدور الباطل ولازم الباطل مثله باطل.
وأما قوله تعالى : ( يَفْعَلُ ما يَشاءُ ) و ( يَحْكُمُ ما يُرِيدُ ) فيردّ على الإحتجاج به :
أولا : إنّ كونه من حكمه أو من فعله يتوقف على معرفته تعالى ، فلو توقفت معرفته عليه لزم الدور المحال.
ثانيا : أن هذه الآية ونحوها من الآيات من أظهر الأدلّة على بطلان خلافة الخلفاء (رض) وفساد المذاهب الأربعة وبطلان القياس والرأي والاستحسان وغيرها من عقائد خصومنا لأنه تعالى حكم : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) [ آل عمران : ١٩ ] وليس في القرآن آية تدلّ على أن المذاهب الأربعة من حكمه تعالى ، وكذلك خلافة الخلفاء (رض) لم تكن من حكمه ولا من فعله ، وإنّما هو من فعل