عمر (رض) وحكمه والأربعة الّذين كانوا معه ، ويقول القرآن : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [ القصص : ٦٨ ] فالله تعالى هو الّذي خلق عليّا عليهالسلام واختاره إماما بعد نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم دون الثلاثة (رض) بنصّ هذه الآية ، وبقرينة ما تقدم من الرواية المتواترة بين الفريقين ، كما فيها دلالة صريحة على أنّ من اختار غير ما اختاره الله فقد أشرك مع الله غيره كما صنع ذلك أهل السّقيفة ، فما ارتكبوه لم يكن مختارا لله ولا كان من أمره ، وقال تعالى : ( ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) [ الأحزاب : ٣٦ ] فهي صريحة في بطلان خلافة المتقدمين عليه ، وذلك لأن خلافتهم إن كانت مما قضى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفيها فليس لأهل السّقيفة ولا لغيرهم إطلاقا إثباتها ، لأنهما قضيا بإثباتها لعليّ عليهالسلام دونهم (رض) وإن قضيا بإثباتها فليس لهم الخيرة فيها مطلقا لا نفيا ولا إثباتا ، وأيّا كان فهو دليل واضح على بطلانها لهم وصحتها لعليّ عليهالسلام كما دلّت عليه نصوص الفريقين المتواترة.
وأما قوله تعالى : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ ) فيرد على الاستدلال بها :
أولا : إنّ كون المبعوث رسولا من عند الله يتوقف على معرفة الله قطعا ، فلو توقفت معرفته على كونه رسولا من عنده لزم الدور الباطل.
ثانيا : إنّ هذه الآية من الأدلة المتينة على نفي العذاب شرعا على التكليف مع عدم البيان التام الواصل إلى المرتبة الفعلية والتنجز ، وهو تابع للمعرفة فلا يمكن أخذه دليلا في إثباتها ، وبعبارة أخرى أن هذا فرع ثبوت المعرفة والفرع لا يثبت قبل ثبوت أصله.
ثالثا : أن الآية موافقة لحكم العقل في غير ما استقلّ به ـ لقبح العذاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان ـ على التكاليف الشرعية من الواجبات والمحرمات قبل إرسال الرسل وإقامة الحجّة ، وليس فيه ما يدلّ على وجوب المعرفة أو عدم جوازها بالعقل فهو خارج بموضوعه عن مورد الآية ، ولو علم الآلوسي استحالة ما ذهب إليه من وجوب المعرفة بالسّمع لاستلزامه الدور الصريح لعدل إلى إختيار