العاشر : إن ما اعتذر به الآلوسي عن القاسطين من بغاة صفين ، وعن الناكثين في يوم الجمل ، وأن قتالهم عليّا عليهالسلام لا يوجب ضلالهم وخروجهم عن الإسلام ، وأن من قتل منهم بسيف عليّ عليهالسلام وأصحابه يومئذ يدخلون الجنّة بغير حساب ، لا يتفق مع القرآن ومناقض للسنّة ؛ أما من الكتاب فقوله تعالى : ( فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ ) [ يونس : ٣٢ ] وهو يفيد أنه لا واسطة بين الحقّ والضّلال ، فإن قال : إن الحقّ مع عليّ عليهالسلام كما هو الصحيح كان الضلال مع مقاتليه عليهالسلام وإن قال : إن الحقّ مع مقاتليه لزمه أن يلصق الضّلال بعليّ عليهالسلام وأصحابه ، وفي ذلك تكذيب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديثه الصحيح المتفق عليه : ( عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، يدور معه حيث دار ) (١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم مشيرا إلى عليّ عليهالسلام : ( هذا وأصحابه على الحقّ ) (٢) ولا شك في أن تكذيب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مروق عن الدين.
وأما السنة فقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصحيح المتفق عليه بين الفريقين : ( من خرج عن السّلطان شبرا مات ميتة جاهلية ) أي ميتة كفر ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة ، ثم مات مات ميتة جاهلية ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( ليس أحد من الناس خرج من السّلطان شبرا فمات عليه إلاّ مات ميتة جاهلية ) (٣).
__________________
(١) أخرجه الحاكم في مستدركه ( ص : ١١٩ ) من جزئه صحيحا على شرط البخاري ومسلم ، والذهبي في تلخيصه معترفا بصحته على شرطهما.
(٢) أخرج الحاكم في مستدركه ( ص : ١٢٩ ) من جزئه الثالث صحيحا على شرط البخاري ومسلم ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ( تكون بين النّاس فرقة واختلاف ، فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ، وأشار إلى عليّ عليهالسلام ) وهو يفيد أن عليّا عليهالسلام أين ما كان الحقّ معه ، عموما كما هو مفاد اسم الجنس المفرد المعرّف ( بالألف واللاّم ) في كلمة الحقّ ، ومتى كان كذلك كان الضلال في جانب المقاتلين له لقوله تعالى : ( فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ ) ومن كان الضلال في جانبه كان في النار ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وكلّ ذي ضلالة في النّار ) وأخرج السيوطي في جامعه الصغير في أول ( ص : ٦٤ ) من جزئه الأول عن أحمد في مسنده ، والنسائي ، وابن ماجة وصححه ، عن جابر قال ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وإن أفضل الهدى هدى محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ محدثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النّار ) فمعاوية وأصحابه وغيرهم ممن قاتلوه كلّهم بحكم هذه الأحاديث في النار : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) [ الزمر : ١٩ ].
(٣) وفي صحيح البخاري في باب قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( سترون بعدي أمورا تنكرونها ) ص ١٤٦ من جزئه