أو لا يقول به ، فإن قال بالأول بطل قوله إنهم معذورون في قتالهم عليّا عليهالسلام وإن قال بالثاني فقد طعن في القرآن الآمر بقتالهم ولعنهم وطعن في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحاكم بأنهم من الدعاة إلى النار ، وطعن في نفسه وأبطل عليه قوله إنهم رؤساء الفرقة الباغية ، وأيّا كان فهو دليل على ضلاله وفساد مزعمته.
التاسع : إذا كان دخول الشبهة القويّة على المقاتل عليّا عليهالسلام يوجب عليه قتاله لأنه بزعمه من الدين وليس من الغيّ ، ومتى كان كذلك فهو لا ينافي المحبة ـ كما يزعم جدّ الآلوسي ـ كان قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث : ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النّار ) باطلا ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حكمه عليهم بأنهم يدعون إلى النّار ـ والعياذ بالله ـ ظالما جائرا ، أو أنه كان جاهلا بدخول الشبهة القويّة عليهم أوجبت عليهم قتاله ، وهو عندهم من الدين لا من الغيّ الموجب دخولهم إلى النّار ، فحكم جازما بأنهم دعاة إلى النّار ، وكلّ أولئك كفر وضلال وخروج عن الإسلام.
فالآلوسي يرى أن نسبته الظلم والجهل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أهون عليه من نسبته إلى عدم العذر لرؤساء الفئة الباغية في قتالهم عليّا عليهالسلام وأن خروجه عن الإسلام وكفره بالله العظيم أولى به من قوله بخروج الفئة الباغية عن الدين بحكم الله وحكم رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين أجمعين ، فجدّ الآلوسي إمّا أن يقول بأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان جاهلا بعدم المنافاة بين قتالهم عليّا عليهالسلام ومحبتهم له ، وكان هو عالما به ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان جاهلا بتلك الشبهة القويّة عندهم التي أوجبت عليهم قتاله وكان هو عالما بها ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يعلم بأن قتالهم له عليهالسلام من الدين بسبب تلك الشبهة ، ولا يعلم بأن ذلك لا يوجب لهم البغي ودخول النّار وجدّ الآلوسي علم ذلك كلّه ، أو يقول بأن ما لفقه من العذر للفئة الباغية وما ادعاه من الشبهة القويّة لهم لا يمنع من حكم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليهم بالبغي ، وأنهم يدعون إلى النّار فيدخلون في منطوق قوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ) [ القصص : ٤١ ـ ٤٢ ] فإن قال بالأول كان كفرا صراحا ، وإن قال بالثاني كان قوله فيما اعتذر به عنهم باطلا وضلالا مبينا.