سابعا : قوله : « أما العقل فهو إنّا نرى الأعراض كالألوان ».
فيقال فيه : يريد الآلوسي بهذا التقرير من رؤيته للأعراض والألوان والأجسام وأمثال ذلك أن يثبت رؤيته لله الّذي هو ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا لون ولا يشبهه شيء ، وليس في جهة ولا في محلّ ليجري عليه ما يجري على الآخرين من المخلوقين فيمكن رؤية ، أللهم إلاّ أن يزعم الخصوم أن إلههم الّذي عكفوا على عبادته كواحد من هذه الموجودات فيرونه بباصرة أعينهم ، ولا شك في أن قياسهم لواجب الوجود بالذات الّذي ليس له حدّ محدود ولا أمد ممدود على الممكنات الموجودة من أقبح القياس وأشدّه فسادا ، بل لا يصح أن يقول به أهل القياس لعدم وجود المشابهة بين الخالق والمخلوق في شيء : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [ الشورى : ١١ ] ويحسن بنا أن نذكر لك تقريره لتعرف بذلك ارتباكه وعجزه ، وأن ما خاله دليلا عقليا على صحة مذهبه لم يكن إلاّ من الشواهد على هذيانه.
أما قوله : « وذلك الأمر المتعلّق للرؤية إما الوجود أو الحدوث أو الإمكان ، والأخيران عدميان لا يصلحان لتعلّق الرؤية بهما ، فلم يبق إلاّ الوجود وهو مشترك بين الواجب والممكنات فيجوز رؤيته ».
فيقال فيه : بربك قل لي أيها العاقل هل ترى هناك مناسبة بين مقدمات كلامه وبين النتيجة التي يقول فيها : ( فيجوز رؤيته ) وأي شكل هذا يا ترى من أشكال الأقيسة المنطقية حتّى تكون نتيجة ذلك الشكل جواز رؤيته؟ وما هي الصلة بين قوله : فلم يبق إلاّ الوجود ، وبين قوله : فيجوز رؤيته ، فإن رؤية وجود الممكنات غير رؤيته تعالى بوجوده الخاص الّذي هو عين ذاته.
ثم إنه إن أراد من رؤية الوجود المطلق أو مطلق الوجود وهو الّذي قال فيه إن المراد بالوجود مفهوم الوجود أن رؤية مطلق الوجود تكون رؤية له فهو بأقصى مراتب السقوط.
أما أولا : فلأن رؤية مطلق الوجود فمع كونه مفهوما منتزعا ليس له في الخارج صورة ولا يمكن رؤيته بالعيان والحسّ ، ولا النظر إليه بالبصر ، ولا يمكن