الفيوضات الربانية والإمدادات الإلهية وليست هي مكتسبة كالتي ضرب لها من الأمثلة ، ولا يأتي سعة الباع وكثرة الفحص والتتبع في علوم الأنبياء والأئمة عليهمالسلام لأنها غير موقوفة على شيء من ذلك حتى يقال فيهم إن المتقدم منهم أفضل من المتأخر وإن بلغ هذا الأخير في سعة الباع إلى ما لم يصل إليه المتقدم كما يزعم الخصم.
ثامنا : قوله : « ولو لم يكن العلم الّذي عليه مدار الإعتقاد والعمل حاصلا للنبيّ بوجه أتم كيف يخرج عن عهدة التبليغ ».
فيقال فيه ، أولا : إنه أخص من المدّعي فلا يصلح أن يكون دليلا على صحة عموم الدعوى.
ثانيا : إنه منقوض بقصة الخضر عليهالسلام مع موسى عليهالسلام.
ثالثا : إنه لو كان يلزم وجود العلم في كل نبيّ على الوجه الأتم كونه أفضل لزم الخصم أن يقول بعدم إمكان تفضيل نبيّ على نبيّ مطلقا ، توضيح ذلك : إن وجود العلم في كلّ منهم لا بد أن يكون على الوجه الأتم وإلاّ لم يمكنه الخروج عن عهدة التبليغ ـ على حدّ زعمه ـ فالأتميّة بالعلم لا بدّ من حصولها في كلّ واحد من الأنبياء عليهمالسلام فإذا كان كلّ منهم واجدا له على الأتمية لم يكن واحد منهم أفضل من الآخر ، ولا يكون نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل الأنبياء عليهمالسلام لأن الأفضل لا بد وأن يكون في العلم أتمّ ، وإذا كان الفاضل أيضا مثله في العلم أتمّ كان ذلك بالنسبة إليه مساو له لا أفضل منه ، وإنما لا يكون كذلك إذا كان العلم الّذي يكون عليه غير الأفضل على وجه التمام حتّى يكون فيه أتمّ ليكون أفضل ، فتعليل الأفضلية مطلقا بالأتمية في العلم مطلقا فاسد جدا لاستلزامه المساواة بينهم جميعا ، واللاّزم باطل بالإجماع ، وكتاب الله صريح في تفضيل بعض النبيّين على بعض ، قال تعالى : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) [ البقرة : ٢٥٣ ] وقال تعالى : ( وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ ) [ الإسراء : ٥٥ ].
تاسعا : قوله : ( ولكن لا يلزم من كثرة العلم كثرة العلم كثرة الثواب ومدار الفضل عند الله على كثرة الثواب ).