فيقال فيه :
أولا : كان البحث مبنيا على الأفضلية بالعلم وأن من كان أكثر علما كان هو الأفضل لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يؤمكم أقرؤكم ) أي أعلمكم وأفضلكم ، فعدول الآلوسي عن ذلك إلى دعوى أن الأفضلية بكثرة الثواب خروج عن الموضوع وهزيمة من ميدان النقض والإبرام وعجز عن المناجزة ، أما الأفضلية بكثرة الثواب فمرتبة أخرى لا صلة لها بمحلّ النزاع.
ثانيا : لقد عرف القارئ فيما تقدم أن مذهب الخصم الّذي يزعم هاهنا فرارا ـ ولات حين مناص ـ أن الأفضلية بكثرة الثواب فضلا عن كثرته فكيف بأكثريته حتّى يكون دليلا على الأفضلية ، لأنه لا يجب على الله أن يعطي ثوابا ولا قبح منه إذا أبدله عقابا كما يعتقده الأشعري.
ثالثا : إن الأئمة من البيت النبويّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من جميع الأنبياء عليهمالسلام حتّى في الثواب ، وذلك لثبوت عصمتهم بالأدلة القطعية من الكتاب والسنّة وثبوت أعلميتهم من سائر المرسلين عليهمالسلام في كلّ شيء ، والأعلم المعصوم لا شك في أنه أتقى ، وقد قال تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) كما في الآية : (١٣) من سورة الحجرات ، ولو لم يكن الأعلم المعصوم أفضل من غيره بالثواب لزم ألاّ يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من غيره من الأنبياء بالثواب واللاّزم باطل بالإجماع ، فأعلمية أهل البيت عليهمالسلام من جميع الأنبياء عليهمالسلام وعصمتهم موجبة تامة لأفضليتهم من الأنبياء في أكثرية الثواب.
عاشرا : قوله : ( فإن توريث الأئمة علم الأنبياء عليهمالسلام وتفضيلهم عليهم بذلك التوريث يلزم أن يكون الأئمة أفضل من نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ).
فيقال فيه : نحن نمنع الملازمة ، وذلك فإن قيام الدليل القطعي على أفضلية نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم من الخلق أجمعين يمنع من أفضلية الأئمة عليهمالسلام على سيّد النبيّين صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا ملازمة بين كون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل منهم عليهمالسلام وبين أن يكون الأنبياء عليهمالسلام أفضل منهم لقيام النصّ في نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم على تفضيله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليهم عليهالسلام وقيامه على تفضيل الأئمة عليهمالسلام على الأنبياء كما مرّ تبيانه.