فيقال فيه : إن النتيجة الحاصلة من مقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأم سلمة معكوسة على الآلوسي وحجّة لخصمه عليه لا له ؛ وذلك لو كانت الآية نازلة في حقّ الأزواج ـ على حدّ زعمه ـ لا شركها مع من كان تحت الكساء ، إذ لا يناسب كونها من أهل الآية ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمنعها من الدخول معهم ، ويقول لها : ( أنت على خير ، وأنت على مكانتك ) اللهم إلاّ أن يقول الآلوسي إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد بذلك أن يغمط حقّها ويخرجها عن الآية وهي من أهلها فخالف بذلك ربّه وعصى أمره بمنعه لها من الدخول معهم وهذا هو الكفر بعينه ، فإذا بطل كون أم سلمة من أهل البيت لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يشركها معهم بطل أن تكون الآية نازلة في حقّ الأزواج ، وإنما كان نزولها في خصوص الأربعة لم يدخل معهم فيها داخل ولا داخلة ولا دخيلة من نسائه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأما ما روي عن أم سلمة ، أنها قالت : وأنا من أهل البيت ، فساقط في نفسه ومعارض بحديثها الصحيح المتفق عليه الّذي فيه قولها : اشركني معهم ، وقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لها : ( إنك على خير ، وأنت على مكانتك ) والحجّة في هذا لأنه من المتفق عليه بين الفريقين بخلاف ذلك فإنه مزور موضوع صاغه الأمويون وأذنابهم ليصرفوا الآية عن محلّها فلا حجّة فيه مطلقا.
فإذا كانت الآية لا تتفق مطلقا مع ما يدّعيه الآلوسي من نزولها في أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا كان هذا ما حكاه الله تعالى عن حال أزواجه في كتابه المبين فلا يتجرأ من له شيء من الدين على أن يزعم نزول الآية في نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكيف يا ترى ترقى نساؤه منزلة فوق منزلتهن؟
وإن رمت المزيد فإليك ما أخرجه البخاري في ص : (٤٧) من صحيحه في باب إماطة الأذى من جزئه الثاني ، عن ابن عباس في حديث طويل سأل فيه ابن عباس عمر بن الخطاب (رض) عن المرأتين من أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اللّتين قال الله فيهما : ( إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما ) فقال عمر (رض) : ( وا عجبا لك يا ابن عباس ، هما عائشة وحفصة كانتا تغضبان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتهجرانه اليوم إلى اللّيل ، فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي ، قلت : ما يبكيك؟ أولم أكن حذرتك