النفوس ، وتقشعر منها الأبدان ، وقد بلغ به الشطط إلى الحكم عليهم بالخروج عن الإسلام ، بعد أن عزا إليهم كلّ أنواع المخازي والمرديات.
والحق أن الآلوسي كتب عن الشيعة ما كتب وهو على غير بيّنة من أمرهم ، ولا يعرف أحدا من رجالاتهم ، ولا قولا من أقوالهم ، ولا يعرف شيئا عن عقائدهم ، وخواصّهم ، وكتبهم ، وأحاديثهم ، وإنما كتب ما كتب معتمدا على أمثال ابن تيمية ، وابن خلدون ، وابن حزم ، والشهرستاني من خصوم الشيعة وأعدائها ، دون أن يشعر أن الخصم لا يكون حكما ، وما تفرّد به لا يكون حجّة على خصمه الّذي يتبرأ من مبدئه ورأيه.
وليته علم أن سوء التفاهم يجر إلى الاختلاف ، وحسن التفاهم والمجادلة بالتي هي أحسن يوجبان الائتلاف ، والمؤمن من عشاق البرهان يميل معه حيث مال لا يلوي جيدا إلى مخالفته لهواه.
ونحن قد فحصنا عبارات الآلوسي ودرسنا كلماته فلم نر فيها من ردّ ولا تفنيد ولا نقد ولا تدليل ، بل كلّ ما وجدنا تحت عباراته وخلال كلماته تهجمات العاجز ، وسباب المخذول ، فهو لم يتصدّ للردّ على شيء من أقوالهم كما يزعم ، ولم يبرهن على بطلانها كما تبرهن العلماء.
ولعل فيما أدلى من السباب والشتائم ما يحسبه أدلة رصينة وبراهين متينة لدحض أقوالهم ، ونحن نربا عن مقابلته بالمثل لأننا مؤمنون ، والمؤمن مثال الفضيلة ، وعنوان الإنسانية ، ودعامة الأخلاق ، وبيت العدل ، والذي يريد النزول في ميدان المناظرة ، ويخوض معمعة المجادلات للوقوف على الحقّ والصواب ، عليه أن يتسلح بسلاح الفضيلة ، ويتصف بالإنصاف ، ولا يزيل عقله بتيار هواه ، فلا يمسّ العواطف ، ويجرح الضمائر ، ويثير النقمة ، ويذبح الحقيقة ، ويميت الدين ، ويقضي على الحق واليقين ، وهكذا صنع الآلوسي في كتابه مع أخصامه ، فنال من الشيعة ومن علمائهم ، وتدارك عليهم بالكفر والإلحاد.
أيها القارئ : إن علماء السّوء الّذين يكتمون علمهم عن النّاس ولا يزودونهم بعلمهم الّذي يوصلهم إلى سعادتهم في الدارين ، بل يمرنونهم على حب