ثم كيف يا ترى يخفى ذلك على محدثي أهل السنّة وحفاظهم لا سيّما أهل الصحاح وهم الثقات عنده في جمع الحديث؟ ولما ذا لم يستخرجوا تلك الموضوعات المدرجة في أثناء رواياتهم الأحاديث الصحيحة ـ على زعمه ـ من صحاحهم؟ وهل بلغ بهم الجهل والغباوة إلى درجة لم يميّزوا بها بين الموضوعات المزعومة وبين غيرها من الصحاح؟ ولم يبلغ الجهل والغباوة بالآلوسي ذلك المبلغ فلم يخف عليه ذلك ، وإذا كان هذا شأنهم في عدم التمييز بين الغث والسّمين فكيف يصح للآلوسي أن يصفهم بالثقات ، وأنهم من علماء الحديث ، لأن من الواجب على العالم بالحديث أن يكون عارفا بصحيحه وضعيفه ، وقويّه وجيّده ، وموثّقه وحسنه ، ومقبولة وموضوعه إلى غير ذلك مما يلزم العالم بالحديث أن يكون بصيرا به وواقفا عليه لكي يصح وصفه بأنه من الثقات في علم الحديث ، ولا جائز أن يخفى أمر ذلك كلّه على علماء الحديث من أهل السنّة الّذين بذلوا وسعهم في تنقيب الأحاديث ، ووضعوا كتبا للجرح والتعديل ومعرفة طرق الحديث ورجاله ومبلغ صدقهم من كذبهم بالحديث وتميّزهم بها الصحيح من غيره ، ولا يخفى أمره على هذا الآلوسي وأخيه الهندي ، إن ذلك ليس بالممكن ولا بالمعقول أبدا.
ثانيا : لو سلّمنا جدلا أن هناك جماعة من علماء الشيعة أدرجوا الموضوعات في أثناء روايتهم الأحاديث الصحيحة وخفى أمر ذلك على حفاظ أهل السنة ، فذلك يعني سقوط صحاح أهل السنّة عن آخرها ، لتقر به عين الآلوسي وغيره ، وتلك قضية العلم الإجمالي بوجود الموضوعات في ضمن صحاحهم ، وليس هناك ما يميّزها عن صحيحها ، ولا طريق لمعرفة غثها من سمينها ؛ لأن كلّ ما فرضناه صحيحا نفرضه موضوعا لعلمنا بوجودهما في تلك الكتب ، وهذا باطل لا يصح وذلك مثله باطل.
ثالثا : لا يمكن للآلوسي أن يستر الحقيقة بمثل هذه الأكذوبة التي يعرفها حتى الأغبياء ، فإن كتب أهل السنّة مشحونة بفضائل أهل البيت النبويّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وآيات خلافتهم مروية من طريق أعاظم حفاظهم وثقاتهم المعول عليهم عندهم في