شَرْطٌ (١) يُخَالِفُ كِتَابَ اللهِ ، فَهُوَ رَدٌّ إِلى (٢) كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ». (٣)
__________________
المال ، وفي كون الشركة مخالفاً لمقتضى العقد وتفسيره كلام كثير لا حاجة إلى ذكره ، وربّما يورد أمثلة حكموا بصحّتها مع مخالفتها لمقتضى العقد ، كشرط الضمان في العاريّة والتفصيل في محلّه.
وأمّا قول أبي الصلاح بصحّة الشركة دون الشرط فمشكل ؛ لأنّ الرضا بتصرّف الشركاء في المال والبيع والاشتراء إذا كان معلّقاً على اختصاص ربح أكثر ببعضهم ، ولم يحصل هذا الشرط على مذهبه ، فلم يحصل الرضا بأصل المعاملة ؛ لعدم تحقّق ما علّقت عليه ، ولا ريب أنّ الرضا في معاملة إن كان معلّقاً على أمر محرّم ، أو على أمر غير محقّق كان موجباً لعدم صحّتها ، والشرط الفاسد في العقد مفسد ؛ لأنّ التجارة مشروطة في القرآن الكريم بالتراضي ، ولا يحلّ مال امرئ إلاّبطيب نفسه ، ولا يجوز قهر الناس على شيء وغصب أموالهم والتصرّف فيها بغير رضاهم إلاّبدليل ، كبيع أموال المفلس والمحتكر.
وأمّا احتمال رضا المشروط له بأصل المعاملة ولو مع عدم الشرط وإن كان معقولاً ، لكنّ الكلام في الاعتماد على مفاد العقد المشتمل على الشرط ، ولا ريب أنّه يدلّ على الرضا المشروط ، واستنباط الرضا مع عدم الشرط يتوقّف على دالّ آخر غير العقد المشتمل على الشرط ، ولكنّ بعض علمائنا حكم بصحّة العقد وبطلان الشرط ، والتفصيل لا يناسب هذا الموضع ، واستدلّ عليه بحديث بريرة عائشة ، حيث اشترتها عائشة واشترطت لمواليها ولاءها ، ثمّ أعتقتها ، فصحّح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الاشتراء والإعتاق ، وأبطل الولاء ؛ لأنّ الولاء لمن أعتق ، ولكنّ تفصيل قصّة بريرة مختلف بحسب الروايات ، ويستفاد من بعضها أنّ بريرة كاتبت مواليها ، فعجزت عن أداء مال الكتابة ، فتوسّلت بعائشة ، وأعطتها عائشة مالاً تؤدّيه إلى مواليها بإزاء مال الكتابة ، فلم يكن اشتراء وبيع وشرط في عقد ، ولا يجوز الخروج عن الاصول الضروريّة ، ومنها عدم حلّ مال أحد بغير رضاه بمثل هذا الخبر. نعم ورد في النكاح الأدلّة على الصحّة مع بطلان الشروط ، بل المهر أيضاً ، ولا يجوز قياس غيره عليه ، فلعلّ البضع في نظر الشرع ينبغي أن لا يكون في معرض الفسخ والإقالة والنقل والانتقال الكثير ؛ لأهمّيّة حفظ الحياء في النسوان من سائر الامور ، ولا يبعد أن يقال : إن اريد بصحّة العقد قابليّته لأن يلحقه الرضا ، كعقد المكره والفضولي فله وجه ، وإن اريد بصحّته وقوعه متزلزلاً فيجوز للمشروط له الفسخ ، كما في المعيب ، ولكنّ العقد مؤثّر ما لم يفسخ ، فهذا بعيد إلاّ أن يعلم رضى المشروط له بالعقد ولو مع عدم حصول الشرط له ، أو سكت عن الفسخ مع علمه ، فيجعل أنّه يجوز له أن يفسخ العقد سكوته عن الفسخ واستمراره على البيع ممّا يدلّ على رضاه ، وليس أصل العقد مع فساد الشرط تجارة من غير تراض ، فهو كفقدان الأوصاف والعيب الذي لم يرض المشتري إلاّبالصحيح وواجد الأوصاف ، وأمّا إن اريد بالصحّة وقوعه لازماً مع عدم الشرط ـ كما في النكاح المشروط بالشرط الفاسد ـ فالحقّ أنّه ليس كذلك ؛ لأنّه تجارة لا عن تراض ».
(١) في « بخ ، بف » والوافي : « شرطاً ».
(٢) في « ى » : « على ».
(٣) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٢٠٧ ، ح ٤٧٦ ، بسنده عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي وعليّ بن النعمان ، عن أبي الصبّاح جميعاً ، عن أبي عبد الله عليهالسلام. الفقيه ، ج ٣ ، ص ٢٢٩ ، ح ٣٨٤٨ ، معلّقاً عن حمّاد. التهذيب ، ج ٧ ، ص ٢٥ ، صدر ح ١٠٧ ، بسنده عن الحلبي. وفيه ، ص ١٨٦ ، ح ٨٢٣ ، بسند آخر الوافي ، ج ١٨ ، ص ٨٨٩ ، ح ١٨٥١٠ ؛ الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٤ ، ح ٢٤٠١٢.