وعن ابن زيد : إنّ فرعون أصرّ بإخراجه من البلد ، فلم يدخل إلّا الآن.
(فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) يختصمان في أمر الدنيا. وعن الجبائي : في أمر الدين. (هذا مِنْ شِيعَتِهِ) ممّن شايعه على دينه من بني إسرائيل. وقيل : هو السامريّ. (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) ممّن خالفه في الدين ، من القبط. وهو فاتون. وكان يتسخّر الإسرائيليّ لحمل الحطب إلى مطبخ فرعون. والإشارة على سبيل الحكاية.
(فَاسْتَغاثَهُ) استنصره (الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) فسأله أن يغيثه بالإعانة. ولذلك عدّي بـ «على».
روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «ليهنئكم (١) الاسم. قال ، قلت : وما الاسم؟ قال : الشيعة. أما سمعت الله سبحانه يقول : (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)».
(فَوَكَزَهُ مُوسى) فضرب القبطيّ في صدره بجمع كفّه ، حين قبضها بأطراف الأصابع لتخليص من قصد إليه.
(فَقَضى عَلَيْهِ) فقتله. وأصله : فأنهى حياته. من قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) (٢) أي : أنهيناه إليه ، وأبلغناه ذلك. يقال : قضيت عليه وقضيته ، إذا فرغت منه وأتممته. والمراد : أنّ تخليص السبطي من يد القبطي أدّى إلى قتل القبطي. ولا شبهة أنّ كلّ ألم يقع على الظالم على سبيل المدافعة ، من غير أن يكون مقصودا لذاته ، فهو حسن غير موصوف بالقبح.
(قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أي : بسببه ، حتّى هيّج غضبي ، بحيث سلب عنّي اختياري ، فضربته بالوكزة الشديدة فقتل.
وقيل : إنّ موسى لم يؤمر بقتل الكفّار يومئذ ، لأنّ الحال كانت مقتضية للكفّ
__________________
(١) أي : ليسرّكم. والعرب تقول : ليهنئك الولد. ومعناه : ليسرّك.
(٢) الحجر : ٦٦.