قاصد. والمراد : سداد القصد واللسان في كلّ باب ، ومن ذلك حفظ اللسان عمّا خاضوا فيه من حديث زينب ، من غير قصد وعدل في القول ، لأنّ حفظ اللسان وسداد القول رأس الخير كلّه.
والمعنى : راقبوا الله في حفظ ألسنتكم ، وتسديد قولكم ، فإنّكم إن فعلتم ذلك (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) يوفّقكم للأعمال الصالحة. أو يصلحها بالقبول والإثابة عليها. (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ويجعلها مكفّرة باستقامتكم في القول والعمل (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في الأوامر والنواهي (فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) يعيش في الدنيا حميدا ، وفي الآخرة سعيدا.
ثمّ قرّر الوعد السابق بتعظيم أمر الطاعة وتفخيم شأنها بقوله : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) أي : الطاعة. سمّاها أمانة من حيث إنّها واجبة الأداء ، كالأمانة. (عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) أي : الطاعة ، لعظم شأنها بحيث لو عرضت على هذه الأجرام العظام ، وكانت ذات شعور وإدراك (فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها) من أن يؤدّين حقّها ، حتّى يزول عن ذمّتهنّ. من قولك : فلان حامل للأمانة ومحتمل لها ، تريد : أنّه لا يؤدّيها إلى صاحبها ، حتّى تزول عن ذمّته ويخرج عن عهدتها ، فإنّ الأمانة كأنّها راكبة للمؤتمن عليها وهو حاملها. ألا تراهم يقولون : ركبته الديون ، ولي عليه حقّ ، فإذا أدّاها لم تبق راكبة ، ولا هو حاملا لها. (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) مع ضعف بنيته ، ورخاوة قوّته (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً) حيث لم يف ولم يراع حقّها (جَهُولاً) بكنه عاقبتها. وهذا وصف للجنس باعتبار الأغلب.
واعلم أنّ الممثّل به في الآية مفروض ، والمفروضات تتخيّل في الذهن كالمحقّقات. فمثّلت حال التكليف في صعوبته وثقل محمله ، بحاله المفروضة لو عرضت على السماوات والأرض والجبال لأبين أن يحملنها وأشفقن منها. ونحو