يشاهدونه من طول قيامه قبل ذلك ، فيعملون البناء خشية منه ، حتّى يتمّ بيت المقدس.
وروي : أنّ الشياطين كانوا يجتمعون حول محرابه أينما صلّى ، فلم يكن شيطان ينظر إليه في صلاته إلّا احترق. فمرّ به شيطان فلم يسمع صوته ، ثم رجع فلم يسمع ، ثمّ رجع فلم يسمع صوته ، فنظر فإذا سليمان قد خرّ ميّتا. ففتحوا عنه ، فإذا العصا قد أكلتها الأرضة. ثمّ أرادوا أن يعرفوا وقت موته ، فوضعوا الأرضة على العصا ، فأكلت يوما وليلة مقدارا ، فحسبوا على ذلك النحو ، فوجدوه قد مات منذ سنة.
وذكر أهل التاريخ : أنّ عمره كان ثلاثا وخمسين سنة. وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وابتدأ عمارة بيت المقدس لأربع مضين من ملكه. ولم يزل بيت المقدس على ما بناه سليمان حتّى غزا بختنصّر بني إسرائيل ، فخرّب المدينة وهدمها ، ونقض المسجد ، وأخذ ما في سقوفه وحيطانه من الذهب والفضّة والدرّ واليواقيت وسائر الجواهر ، فحملها إلى دار مملكته من أرض العراق.
وقال في المجمع : «إنّ في إماتته قائما وبقائه كذلك أغراضا ، منها : إتمام البناء. ومنها : أن يعلم الإنس أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب ، وأنّهم في ادّعاء ذلك كاذبون. ومنها : أن يعلم أنّ من حضر أجله فلا يتأخّر ، إذ لم يؤخّر سليمان مع جلالته» (١).
وروي : أنّه أطلعه الله على حضور وفاته ، فاغتسل وتحنّط وتكفّن ، والجنّ في عملهم.
وروى أبو بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ سليمان أمر الشياطين فعملوا له قبّة من قوارير ، فبينا هو قائم متّكئ على عصاه في القبّة ، ينظر إلى الجنّ كيف
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٣٨٣ ـ ٣٨٤.