من «واحد» ، أو خبر ثان ، أو خبر محذوف. والمشارق مشارق الكواكب ، أو مشارق الشمس في السنة. وهي ثلاثمائة وستّون مشرقا ، تشرق كلّ يوم في واحد ، وبحسبها تختلف المغارب ، ولذلك اكتفى بذكرها. مع أنّ الشروق أدلّ على القدرة ، وأبلغ في النعمة ، وأسبق في الوجود.
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) القربى (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) بزينة هي الكواكب. والإضافة بيانيّة ، فإنّ الزينة مبهمة. ويؤيّده قراءة حمزة ويعقوب وحفص بتنوين «زينة» وجرّ «الكواكب» على إبدالها منه.
أو بزينة هي للكواكب ، كأضوائها ومطالعها ومسايرها وأشكالها المختلفة ، كشكل الثريّا وبنات النعش والجوزا والعقرب وغيرها. أو بأن زيّنّا الكواكب فيها ، على إضافة المصدر إلى المفعول ، فإنّها كما جاءت اسما كالليقة (١) لما يلاق ، جاءت مصدرا كالنسبة. ويؤيّده قراءة أبي بكر بالتنوين والنصب على الأصل.
أو بأن زيّنتها الكواكب ، على إضافته إلى الفاعل. وركوز الثوابت في الكرة الثامنة ، وما عدا القمر من السيّارات في الستّ المتوسّطة بينها وبين السماء الدنيا ، إن تحقّق لم يقدح في ذلك ، فإنّ أهل الأرض يرونها بأسرها ، كجواهر مشرقة متلألئة على سطحها الأزرق بأشكال مختلفة. فتخصيصها بالذكر لاختصاصها بالمشاهدة.
والتزيين عبارة عن تحسين الشيء ، وجعله على صورة تميل إليها النفس. فالله سبحانه زيّن السماء على وجه تمتّع الرائي لها. وفي ذلك أعظم النعمة على العباد ، مع ما لهم من المنفعة بالتفكير فيها ، والاستدلال بها على صانعها.
(وَحِفْظاً) منصوب بإضمار فعله ، أي : حفظناها حفظا. أو معطوف على «زينة» باعتبار المعنى. كأنّه قال : إنّا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) متمرّد خبيث خال من الخير خارج عن الطاعة برمي الشهب ، أي :
__________________
(١) الليقة : صوفة الدواة ، أو إذا بلّت.