مرسله. أو لأنّه كان مختوما. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كرم الكتاب ختمه».
أو لغرابة شأنه ، إذ كانت مستلقية في بيت مغلّقة الأبواب كما مرّ ، فدخله من كوّة وألقاه على نحرها.
(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) استئناف ، كأنّه قيل لها : ممّن هو؟ فقال : إنّه ـ اي : إنّ الكتاب ، أو العنوان ـ من سليمان (وَإِنَّهُ) أي : وإن المكتوب أو المضمون (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَ) «أن» مفسّرة بمعنى «أي» ، على ما قاله سيبويه في نحو قوله : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) (١) أي : امشوا. أو مصدريّة ، فتكون بصلتها خبر محذوف ، أي : هو أو المقصود أن لا تعلوا. أو بدل من «كتاب».
والمعنى : لا ترفعوا ولا تتكبّروا عليّ (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) منقادين مطيعين لأمري ، أو مؤمنين.
وهذا كلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود ، لاشتماله على البسملة الدالّة على ذات الصانع وصفاته صريحا أو التزاما ، والنهي عن الترفّع الّذي هو أمّ الرذائل ، والأمر بالإسلام الجامع لأمّهات الفضائل. وليس الأمر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجّة على رسالته ، حتّى يكون استدعاء للتقليد ، فإنّ إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الدلالة.
روي : أنّ أوّل من استفتح بـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) سليمان ، ولا تعرفه هي ولا قومها.
ولمّا وقفت بلقيس على كتاب سليمان (قالَتْ) لأشراف قومها (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي) أجيبوني في أمري ، وأشيروا عليّ بما تستصوبون فيه.
والفتيا والفتوى : الجواب في الحادثة ، والحكم بما هو صواب. مشتقّتان على طريق الاستعارة من الفتى في السنّ. والمراد هاهنا : الإشارة عليها بما عندهم من الرأي
__________________
(١) ص : ٦.