منهما ، فتصحّ الطهارة بأحدهما ، لأنّه ماء ولم تثبت نجاسته ، لأنّ الظاهر أنّ اشتراط الطهارة في الثوب ثابت فيما نحن فيه باستقراء الأخبار ، فلا تتمّ الصلاة في الثوب الطاهر إلّا بإتيانها فيهما معاً.
واحتجّ ابن إدريس (١) بما حاصله أنّه يجب اقتران الصلاة بقصد الوجوب ، ولا يمكنه الحكم بوجوب أحدهما إلّا بعد تمامها ؛ وبأنّه يجب أن يقطع بطهارة الثوب عند افتتاح الصلاة ، وهو منتفٍ عند كلّ واحدٍ منهما.
ويرد على الأوّل : المنع أوّلاً ، وفي خصوص حال الضرورة ثانياً ، وبأنّ الواجب هو المجموع من باب المقدّمة فيقترن به الوجوب ثالثاً.
وعن الثاني : أيضاً بمنع الاشتراط ، سيّما في حال الاضطرار.
ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق بين ثوبين وأكثر ، فيصلّي على قدر الثياب النجسة مع زيادة واحدةٍ في تلك الثياب ، إلّا أن يستلزم الحرج بسبب كثرتها فيحتمل حينئذٍ التخيير والقرعة ، ويحتمل الوجوب بقدر المكنة.
ولو ضاق الوقت عن الصلاة صلّى فيما يحتمله الوقت مخيّراً بينها ، إلّا أن يظنّ طهارة أحدها فلا يبعد القول بالتعيّن فيه حينئذٍ كما اختاره في المدارك (٢).
وذهب في الشرائع إلى الصلاة عارياً إذا تكثّرت الثياب وضاق الوقت (٣) ، وليس ببعيد ، نظراً إلى المسألة المتقدّمة إن قلنا بأنّ العلّة فيها فقد الثوب المتيقّن الطهارة ، وإن قلنا بأنّ العلّة هي كون الثوب معلوم النجاسة فلا تجوز الصلاة فيشكل الاطراد.
والأظهر جواز الصلاة فيه ، بل تعيّنها ؛ للاستصحاب.
وقد يستدلّ عليه بأنّ فقد الوصف أولى من فوات الموصوف ، وفيه تأمّل.
__________________
(١) السرائر ١ : ١٨٥.
(٢) المدارك ٢ : ٣٥٨.
(٣) الشرائع ١ : ٤٦.