فالشيخ (١) وأكثر الأصحاب (٢) على وجوب الصلاة في كلّ منهما منفرداً.
ونقل الشيخ عن بعض علمائنا أنّه يطرحهما ويصلّي عرياناً (٣) ، واختاره ابن إدريس بعد نقله عن بعض الأصحاب (٤).
والأوّل أقوى ، للتمكّن من الصلاة مع الشرائط فلا يتجاوز إلى غيره.
ولحسنة صفوان لإبراهيم بن هاشم عن أبي الحسن عليهالسلام : أنّه كتب إليه يسأله عن رجل كان معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدرِ أيّهما هو ، وحضرت الصلاة ، وخاف فوتها ، وليس عنده ماء ، كيف يصنع؟ قال : «يصلّي فيهما جميعاً» (٥) قال ابن بابويه : يعني على الانفراد (٦) ، ولا قائل بالفصل بين البول وغيره فيتمّ الاستدلال.
وقد يستدلّ أيضاً بأنّ الصلاة في المتيقّن النجاسة جائزة كما مرّ ، فتجوز في المشكوك بطريق أولى.
وفيه : منع الأصل أولاً كما مرّ ، ووجود الفارق ثانياً ، لأنّ غاية ما ثبت ثمّة التخيير ، والمطلوب ههنا الحتم ، مع أنّ ذلك يقتضي الجواز في أحدهما أيضاً إلّا أنّ يقال : إنّ الصورة الاولى في ما لو فقد الطاهر مطلقاً ، لا في علم المكلّف.
ولا يذهب عليك أنّه لا يمكن أن يقال هنا نظير ما مرّ في الوضوء بالماء المشتبه بالنجس أنّ الدليل لم يقتضِ إلّا الاجتناب عن الماء النجس في الوضوء ، لا ثبوت الطهارة ؛ ففي صورة الاشتباه لم ينتقض يقين الطهارة السابقة بالشكّ في كلّ واحدٍ
__________________
(١) النهاية : ٥٥ ، المبسوط ١ : ٩٠.
(٢) منهم المحقّق في الشرائع ١ : ٤٦ ، والمعتبر ١ : ٤٣٩ ، والعلامة في المختلف ١ : ٤٨٦ ، والتذكرة ٢ : ٤٨٣ ، وصاحب المدارك ٢ : ٣٥٦.
(٣) المبسوط ١ : ٩١.
(٤) السرائر ١ : ١٨٤.
(٥) الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٥٧ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ح ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ١٠٨٢ أبواب النجاسات ب ٦٤ ح ١.
(٦) الفقيه ١ : ١٦١ ذ. ح ٧٥٧.