بالعدالة من المحاسن.
وتحقيق المقام : أنّ اشتراط العدالة في الإمام إجماعيّ ، فذهب جماعة إلى أنّها ملكة نفسانيّة تَبعَثُ على التّقوى والمروءة (١).
وجماعة من القدماء إلى أنّها اجتناب المحارم جميعاً (٢).
وجماعة منهم إلى أنّها اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصّغائر (٣).
والمشهور اشتراط عدم الإتيان بما ينافي المروءة أيضاً (٤).
وهذا الخلاف مسبوق بالخلاف في أنّ المعاصي صغيرة وكبيرة أو كبيرة كلّها ، والأوّل هو المشهور ؛ سيّما بين المتأخّرين (٥).
وذهب جماعة من القدماء إلى الثاني (٦) ، ويظهر من الطبرسي (٧) وابن إدريس (٨) انحصار مذهب الأصحاب في ذلك ، وجعلا الصغير والكبير إضافيّين بالنسبة إلى مراتب المعاصي.
والأقوى الأوّل ، لقوله تعالى (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (٩) و (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) (١٠).
وفي الصحيفة السجاديّة : «وقد هربتُ إليك من صغائر ذنوبٍ موبِقة ، وكبائرِ
__________________
(١) منهم الشهيد الأوّل في الذكرى : ٢٣٠ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٣٧٢ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٨٩.
(٢) منهم الشيخ المفيد في المقنعة : ٧٢٥ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٢٨٠ ، وج ٢ : ١١٧.
(٣) كصاحب المدارك ٤ : ٦٨.
(٤) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ٢٣٠.
(٥) منهم الكركي في رسائله ٢ : ٤٣ ، والمقدّس الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٥١ ، وصاحب المدارك ٤ : ٦٧.
(٦) كالشيخ الطوسي في عدة الأُصول ١ : ٣٥٩ ، والاقتصاد : ١٤٤ ، والحلّي في السرائر ١ : ٢٨٠.
(٧) مجمع البيان ٣ : ٣٨.
(٨) السرائر ٢ : ١١٨.
(٩) النساء : ٣١.
(١٠) الشورى : ٣٧.