وأمّا الحجّة على ما اخترناه فصحيحة عبد الله بن أبي يعفور رواها في الفقيه (١).
وهناك أخبار أُخر معتبرة اكتفي فيها بكونِ ظاهره مأموناً ، أو بكونه صالحاً في نفسه ، أو بأن يكون فيه خير ونحو ذلك (٢).
وتلك المطلقات محمولة على التّفصيل المستفاد من صحيحة ابن أبي يعفور.
ولا يبعد أن يقال : العمل على مقتضاها هو الظّاهر من عبارات كثيرٍ منهم ، مثل المفيد (٣) والشّيخ في النهاية (٤) والمبسوط (٥) وابن البرّاج (٦) ، حيث نقل عن كلّ منهم أنّها أن يُعرف بالستر والصّلاح واجتناب الكبائر ، وأن يكون معروفاً بالورع عن محارم الله.
ويمكن أن يكون مراد الشّيخ في الخلاف أيضاً أنّ التّفتيش عن الباطن والخلوات لم يكن معهوداً ، وهو من المُحدَثات ، لا مُطلق الاستطلاع عن حاله.
ثم إنّ اعتبار عدم ظهور ما ينافي المروءة وهي ملكة تَبعَثُ على مجانبة ما يؤذن بخسّة النفس ودناءة الهمّة من المباحات والمكروهات وصغائر المحرّمات إذا لم يحصل الإصرار ، كالأكل في الأسواق ، والبول في الشّوارع وقت سلوك الناس ، وأشباه ذلك ممّا يُستهجن أمثاله ، وسرقة لقمة ، والتطفيف بحبّة هو المشهور بين
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٢٤ ح ٦٥ ، الوسائل ١٨ : ٢٨٨ أبواب الشهادات ب ٤١ ح ١. وفيها : قلت لأبي عبد الله (ع) بم تُعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتّى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن وو ..
(٢) الوسائل ١٨ : ٢٨٨ أبواب الشهادات ب ٤١.
(٣) المقنعة : ٧٢٥ فإنّه قال : والعدل من كان معروفاً بالدين والورع عن محارم الله عزوجل.
(٤) النهاية : ٣٢٥ ، وفيها : فالعدل أن يكون ظاهره ظاهر الإيمان ، ثمّ يعرف بالستر والصلاح والعفاف والكفّ عن البطن والفرج واليد واللسان ....
(٥) المبسوط ٨ : ٢١٧ ، وفيه : فالعدل في الدين أن يكون مسلماً ، ولا يعرف منه شيء من أسباب الفسق ، وفي المروءة أن يكون مجتنباً للأُمور الّتي تسقط المروءة ....
(٦) المهذّب ٢ : ٥٥٦ ، فإنّه قال : وتثبت في الإنسان بشروط ، وهي البلوغ ، وكمال العقل ، والحصول على ظاهر الإيمان ، والستر ، والعفاف ، واجتناب القبائح ، ونفي الظنّة ، والحسد ، والتهمة والعداوة.