على الغالب.
وأما مع عدم الإمكان فقالوا : لا يجوز الاجتهاد في الجهة حينئذٍ ، لأنّ الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق واتّفاقهم ممتنع أو بعيد ، فلو خالف اجتهاده إيّاهم فالخطأ منه ، ولا يجوز العمل عليه.
وأما في التيامن والتياسر ففيه قولان (١) : من جهة أنّ إصابة الخلق الكثير أقرب ، ومن جهة عموم الأخبار (٢) ، وأنّه لما لم يجب عليهم الاجتهاد فيهما فلعلّ اكتفاءهم بالجهة لاعتمادهم على قبلة من قبلهم ، لا لحصول الاجتهاد من جميعهم وتوافقهم في ذلك.
قال في الذكرى : وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق وأنّ فيه تياسراً عن القبلة مع انطواء الأعصار الماضية على عدم ذلك (٣).
أقول : ولا يبعد ترجيح الجواز ، سيّما مع ما عرفت من المسامحة في أمر القبلة والعلائم التي بنوا أمرها عليها.
ثمّ إنّ إخبار الغير بالقبلة أيضاً مما يفيد الظنّ ، فإن حصل له بسببه ظنّ أقوى من اجتهاده فيعمل عليه ، لظاهر الأخبار (٤) ، فإنّه أيضاً نوع من التحرّي والاجتهاد ، فإنّ المأمور به الذي هو تحصيل الظنّ له مقدّمات ، والمقدّمات قد تكون من فعل المكلّف ، وقد يقوم فعل غيره مقامه أيضاً ، فقد يكون وجوب المقدّمة تخييراً بين المقدورات ، وقد ينوب غير المقدور عن المقدور كما حقّقناه في الأُصول (٥) ، فلو استخبر المكلّف من غيره لتحصيل الظنّ فهو من فعله ، وإن أخبره الغير من دون الاستخبار فهو
__________________
(١) قال بالمنع العلّامة في نهاية الإحكام ١ : ٣٩٣ ، وبالجواز الشهيد في الذكرى : ١٦٣ ، وصاحب المدارك ٣ : ١٣٤.
(٢) الوسائل ٣ : ٢٢٣ أبواب القبلة ب ٦.
(٣) الذكرى : ١٦٣.
(٤) الوسائل ٣ : ٢٢٣ أبواب القبلة ب ٦.
(٥) القوانين : ١٠٣.