لإجماع أصحابنا ، وموثّقتي محمّد بن مسلم (١).
وظاهر الروايتين أنّ المعتبر مراعاة المسافة الحاصلة بين الجماعتين ، وتلك إنّما تكون بملاحظة منتهى إحداهما ومبدأ الأُخرى ، فلا يكفي حصول الفرسخ بين إحداهما وبين من تنعقد الجمعة به من الجماعة الأُخرى مثل الصفّ الأوّل.
وقيل : تعتبر من المسجد إن صلّيت فيه ، وإلّا فمن نهاية المصلّين (٢).
ولعلّ نظر هذا القائل إلى كون المسجد مظنّة الامتلاء ، فإنما يصحّ عقد الجمعة الأُخرى إذا عُلم عدم الامتلاء إلى حدّ تحصل به المسافة ، وهو غير معلوم.
فإن اتّفقتا بطلتا ، لعدم المرجّح ، وعدم إمكان صحّتهما ، ويعيدان جمعة.
ويحصل الاتّفاق بالاستواء في التكبير على ما نسب إلى مذهب علمائنا (٣) ، وعن بعض العامّة في الشّروع في الخطبة (٤) ، وعن الأخر في الفراغ (٥).
وإن سبقت إحداهما بطلت الأُخرى ، وادّعى في التّذكرة عليه الإجماع (٦) ، ووجهه ظاهر.
وقد تقيّد صحّة السّابقة بعدم علم كلّ منهما بصلاة الأخر ، للنّهي عن الانفراد عن الأُخرى الموجب للفساد (٧).
__________________
(١) الاولى في الكافي ٣ : ٤١٩ ح ٧ ، والتهذيب ٣ : ٢٣ ح ٧٩ في طريقها عبد الله بن المغيرة وهو واقفيّ : يكون بين الجماعتين ثلاثة أميال ، يعني لا تكون جمعة الّا فيما بينه وبين ثلاثة أميال.
والثانية في الفقيه ١ : ٢٧٤ ح ١٢٥٧ ، والتهذيب ٣ : ٢٣ ح ٨٠ وفي طريقها إبراهيم بن عبد الحميد وهو واقفيّ : إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ، ولا يكون بين الجماعتين أقلّ من ثلاثة أميال.
(٢) جامع المقاصد ٢ : ٤١١.
(٣) كما في المدارك ١ : ٢٨٢.
(٤) السراج الوهّاج للغمراوي : ٨٦ ، مغني المحتاج للشربيني ١ : ٢٨٢.
(٥) المجموع للنووي ٤ : ٤٩٧ ، مغني المحتاج للشربيني ١ : ٢٨١.
(٦) التذكرة ٤ : ٥٧.
(٧) كما في روض الجنان : ٢٩٤.