وبالجملة معنى الركنيّة في كلامهم إنّما يثمر فيما قام الدليل عليه في محتملاتِ موردها ، وهو يحتاج إلى تأمّل صادق.
ومما يقع فيه الإشكال ركنيّة القيام المتّصل بالركوع ، والذي يمكن أن ينزّل عليه بحيث يتعيّن له مصداق وتترتّب عليه الأحكام هو جعله شأناً من شئون الركوع ، فيقال : إنّ الركوع ركن ، وكون الركوع عن قيام ركناً آخر.
وذلك لأنّ من أحكام الركن أنّهم ذكروا أنّ من سها عن جزءٍ من الصلاة فيجب عليه الإتيان به ما لم يدخل في ركنٍ آخر.
ولا يمكن حصول العلم بالدخول في القيام المتّصل بالركوع إلّا إذا تحقّق الركوع ، ألا ترى أنّهم حكموا بأنّ ناسي التشهّد يتداركه ما لم يركع ، ونطقت بذلك الأخبار المستفيضة (١) كما سيجيء ، ولم يقولوا ما لم يدخل في القيام المتّصل بالركوع.
فلو فرض أنّه هوى من القيام إلى الركوع ، وتذكر أنّه لم يتشهّد قبل أن يصل إلى حدّ الراكع ، فيرجع ويتشهّد ولا يلزم منه تعدّد الركن ؛ إذ علمت أنّ معنى القيام المتّصل بالركوع لا يتحقّق إلّا بالركوع عن قيام ، وهو لم يتحقّق بعد.
وبالجملة جميع أجزاء القيام قبل الركوع قابلة لأن تصير ركناً ، ولا تحصل فعلية الركن إلّا بتحقّق الركوع الحقيقي في جزء من تلك الأجزاء.
فهذا الركن لا تظهر له ثمرة في الزيادة ، وإنّما تظهر ثمرته في الترك ، لإمكان تحقّق الركوع بدون القيام المتّصل به ، وعدم إمكان تحقّق الركوع عن قيام بدونه ، وأما الزيادة فلا تحصل إلّا بتكرير الركوع ، ومع تكرير الركوع فلا ثمرة في تعدّد القيام المتّصل به.
واعلم أنّ الثمرة في النقصان أيضاً إنّما تظهر لو انفكّ عن القيام في حال التكبير ، وإلّا فيتداخل معه ، كما لو أراد المأموم أن يلحق بالإمام في حال الركوع مستعجلاً
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٩٩٧ أبواب التشهّد ب ٩.