وأمّا صحيحة ابن أبي يعفور : فقد عرفت أنّها على خلاف المطلوب أدلّ ، ولا أقلّ من إجمالها.
وأمّا الخبران : فيتوجّه على الاستدلال بهما : أنّ المتبادر من تعليق الحكم على الطبيعة إنّما هو بملاحظة كلّ فرد فرد ، لا مجموع الأفراد ، ففيما نحن فيه يصدق على كلّ فرد فرد أنّه أقلّ من مقدار الدرهم.
ثم لو سلّم ظهورهما في ملاحظة التقدير بالنسبة إلى مطلق الدم الواصل إلى الثوب أعمّ من أن يكون واحدا أو متعدّدا ، تعيّن صرفهما إلى إرادة الدم المجتمع ، جمعا بينهما وبين مرسلة جميل ، الحاكمة على مثل هذه الظواهر لو لم نقل بانصرافهما في حدّ ذاتهما إلى إرادة الدم الواحد المجتمع.
ثمّ لو أغمض عن جميع ذلك ، فنقول : إنّ المتبادر من مرسلة جميل وخبر الجعفي كونهما مسوقتين لبيان عدم كون هذا المقدار من الدم في الثوب مانعا من الصلاة فيه ، فكلّ ثوب يكون فيه دم أقلّ من الدرهم تجوز الصلاة فيه ، فلو كان على المصلّي أثواب متعدّدة يصدق على كلّ منها أنّ الدم الكائن فيه أقلّ من الدرهم ، فلا بأس بالصلاة فيه بمقتضى إطلاق الروايتين ، فضمّ بعض الأثواب إلى بعض وملاحظة التقدير بالنسبة إلى الجميع ـ كما صرّح به بعض القائلين بهذا القول ـ ممّا لا وجه له.
ودعوى إرادة جنس الثوب ـ الشامل لمطلق الثياب ـ الذي لبسه المصلّي عارية عن الشاهد ، كما أنّ مقتضى ظاهر رواية [مثنى بن عبد السلام] (١) المتقدّمة (٢)
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «أبي بصير». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) في ص ٧٠.