لكن قد يلوح من بعض عبائره المحكيّة عنه ـ التي سيأتي نقلها ـ إنكار ذلك أيضا ، والتزامه بدوران حكم النجاسة مدار عينها ، إلّا في الموارد التي ثبت تعبّدا وجوب غسل ملاقيها ، كالثوب والبدن ، دون سائر الأجسام ، وجعل ذلك وجها للحكم بطهارة البواطن وبدن الحيوانات بزوال العين عنها ، لا لخصوصيّة فيها.
وربما يلوح هذا المعنى ـ أي دوران حكم النجاسات مدار عينها ـ من السيّد رحمهالله في بعض كلماته المحكيّة عنه ، كاستدلاله لجواز استعمال المائعات الطاهرة ـ غير الماء ـ في تطهير الثوب : بأنّ تطهير الثوب ليس إلّا إزالة النجاسة عنه ، وقد زالت بغير الماء مشاهدة ، لأنّ الثوب لا تلحقه عبادة (١).
وأصرح من ذلك ما حكي عنه من القول بجواز تطهير الأجسام الصيقليّة بالمسح بحيث يزول عنها العين ، معلّلا لذلك : بزوال العلّة (٢).
وعن المحدّث الكاشاني ـ بعد أن حكى هذا القول والاستدلال عن السيّد ـ قال : وهو لا يخلو من قوّة ، إذ غاية ما يستفاد من الشرع وجوب اجتناب أعيان النجاسات ، أمّا وجوب غسلها بالماء من كلّ جسم فلا ، فما علم زوال النجاسة عنه قطعا حكم بتطهّره ، إلّا ما خرج بدليل يقتضي اشتراط الماء ، كالثوب والبدن ، ومن هنا يظهر طهارة البواطن بزوال العين ، وطهارة أعضاء الحيوان النجسة غير الآدمي ، كما يستفاد من الصحاح (٣). انتهى.
__________________
(١) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٥٩ ـ ٦٠ ، ضمن المسألة ٣٠ ، وانظر : مسائل الناصريّات : ١٠٥ ، المسألة ٢٢.
(٢) حكاه عنه الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٧٧ ، وكذا العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، المسألة ٢٤٩.
(٣) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ١ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، وانظر : مفاتيح الشرائع ١ : ٧٧.