ودعوى استلزام عدم القبول للخلود في النار ، وهو ينافي الإسلام ، مدفوعة : بأنّ المسلّم إنّما هو خلود من مات كافرا ، لا مطلق من كفر بحيث عمّ مثل الفرض.
وبما ذكرنا ظهر أنّ نسبة القول بعدم قبول إسلام المرتدّ الفطري إلى المشهور لا تخلو عن نظر ، فإنّهم ـ على ما حكي (١) عنهم ـ لم يصرّحوا إلّا بعدم قبول توبته ، وهو لا يدلّ على المدّعى ، بل لا يبعد أن يكون مقصودهم عدم قبولها بالنسبة إلى بعض الآثار ـ التي تقدّم التنبيه عليها في النصوص المتقدّمة ـ في مقابل العامّة وابن الجنيد (٢) من الخاصّة حيث حكي عنهم القول بقبول توبته مطلقا ، وعدم الفرق بينه وبين المرتدّ الملّي ، والله العالم.
الثاني : ما تقدّمت الإشارة إليه من أنّه لا ينبغي الارتياب في كونه مكلّفا بالإسلام وبشرائعه ، وهذا يدلّ على كونه ممكنا في حقّه ومجزئا عنه.
ودعوى أنّ التكليف لا ينافيه الامتناع بالاختيار ، مدفوعة : بما تقرّر في محلّه من منافاة الامتناع للتكليف مطلقا وإن كان عن اختيار.
نعم ، الامتناع الاختياري لا ينافي اتّصاف الفعل الذي صيّره ممتنعا بكونه مقدورا ومتعلّقا للتكليف قبل أن يجعله ممتنعا ، وكون تركه تركا اختياريّا موجبا لاستحقاق العقاب عليه.
ودعوى سقوط التكليف عنه بصيرورته ممتنعا في حقّه ، فحاله بعد الارتداد كحاله بعد الموت ، مدفوعة ـ بعد الغضّ عن إمكان دعوى القطع بأنّ الله
__________________
(١) راجع : مفتاح الكرامة ٣ : ٣٨١.
(٢) لاحظ : الهامش (٣) من ص ٣٠٦.