«ذرّية بعضها من بعض. والله سميع عليم»] (١) (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) : جملة مستأنفة ، إن أضمر ناصب «إذ».
والتّقدير : فما ذا قال له ربّه حين أتمّهنّ. فأجيب بأنّه قال : إنّي (إلى آخره.) أو بيان للابتلاء. فيكون الكلمات ، ما ذكره من الإمامة وتطهير البيت وغير ذلك. وإن كان ناصبه «قال» ، فالمجموع جملة معطوفة على ما قبلها.
و «جاعل» من جعل المتعدّي إلى مفعولين.
و «الإمام» ، اسم لمن يؤتمّ به في أقواله وأفعاله ويقوم بتدبير الإمامة وسياستها والقيام بأمورها وتأديب جنايتها وتوليد ولايتها وإقامة الحدود على مستحقّها ومحاربة من يكيدها ويعاديها. وقد يطلق على المقتدى به في أقواله وأفعاله.
(قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) :
عطف على الكاف ، عطف تلقين ، أي : وبعض ذرّيّتي ، كما تقول : «وزيدا» ، في جواب : «سأكرمك.» والذّرّيّة : نسل الرّجل. فعليّة أو فعلولة ، من الذّرّ ، بمعنى التّفريق والأصل ذرّيّة ، على الأوّل. وعلى الثّاني ، ذرورة. قلبت راؤها الثّالثة ياء ، كما في تقضيّت. ثمّ أبدلت الواو والضّمّة. أو فعليّة أو فعولة من الذّرء ، بمعنى الخلق. فخفّفت الهمزة.
وقرئ ذرّيّتي (بالكسر) وهي لغة. وبعض العرب ، بفتح الذّال.
(قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١٢٤) :
والعهد والإمامة ، كما روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام
(٢) ـ ، أي : لا يكون الظّالم إماما للنّاس. واستدلّ أصحابنا بهذه الآية ، على أنّ الإمام لا يكون إلّا معصوما عن القبائح. لأنّ الله سبحانه نفى أن ينال عهده الّذي هو الإمامة ، ظالم. ومن ليس بمعصوم ، فقد يكون ظالما. إمّا لنفسه ، أو لغيره.
لا يقال : إنّما نفى أن يناله ظالم في حال ظلمه ، فإذا تاب لا يسمّى ظالما ، فيصحّ أن يناله ، لأنّا نقول : إنّ الظّالم وإن تاب فلا يخرج من أن تكون الآية قد تناولته في حال كونه ظالما. وقد حكم عليه بأنّه لا ينالها. والآية مطلقة غير مقيّدة بوقت دون وقت. فيجب أن تكون محمولة على الأوقات ، كلّها. فلا ينالها الظّالم ، وإن تاب فيما بعد.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٢) مجمع البيان ١ / ٢٠٢.