اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ).» فالمّلة ، (الإمام) (١). فلمّا أسكن ذرّيّته بمكّة قال (٢) : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) إلى (قوله) (مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ) (٣).» فاستثنى «من آمن» خوفا بقوله (٤) «لا» ، كما قال له في الدّعوة الأولى : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).»
وفيه (٥) : عن حريز ، عمّن ذكره ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، أى : لا يكون إماما ظالما.
وفيه (٦) : عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) قال : فقال لو علم الله أنّ اسما أفضل (منه) ، لسمّانا به.
وفي شرح الآيات الباهرة (٧) : وجاء في التّأويل ما رواه الفقيه ابن المغازليّ ، بإسناده عن رجاله ، عن عبد الله بن مسعود. قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : أنا دعوة أبي إبراهيم.
قال : قلت كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟
قال : إنّ الله أوحى إلى إبراهيم (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً).» فاستخفّ به الفرح.
فقال : يا ربّ! (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أئمّة مثلي؟
فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : يا إبراهيم! إنّي لا أعطيك عهدا لا أفي لك به.
قال : يا ربّ! وما العهد الّذي لا تفي به؟
قال : لا أعطيك لظالم من ذرّيّتك عهدا.
فقال إبراهيم عندها : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ).» ثمّ قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : فانتهت الدّعوة إليّ وإلى عليّ. لم يسجد أحدنا لصنم. فاتّخذني نبيّا. واتّخذ عليّا ، وصيّا. وفي معنى هذه الدّعوة قوله تعالى ، حكاية
__________________
(١) المصدر : الامامة. وهو الظاهر.
(٢) إبراهيم / ٣٧.
(٣) البقرة / ١٢٦.
(٤) المصدر : أن يقول به. وهو الظاهر.
(٥) نفس المصدر ١ / ٥٨ ، ح ٨٩.
(٦) نفس المصدر ونفس الموضع ، ح ٩٠.
(٧) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط / ٢٦.