رسولا ، قبل أن يتّخذه خليلا. واتّخذه خليلا ، قبل أن يتّخذه إماما. فلمّا جمع له هذه الأشياء وقبض يده ، «قال» له : يا إبراهيم! (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً).» فمن عظمها في عين إبراهيم «قال» : يا ربّ! (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).»
وفي كتاب الاحتجاج (١) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه : قد حظر على من ماسّه الكفر تقلّد ما فوّضه إلى أنبيائه وأوليائه ، بقوله لإبراهيم (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، أي : المشركين. لأنّه سمّى الشّرك ظلما بقوله (٢) :
(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).» فلمّا علم إبراهيم أنّ عهد الله تبارك اسمه بالإمامة ، لا ينال عبدة الأصنام ، قال (٣) : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ).»
وفي مجمع البيان (٤) : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال مجاهد : العهد الإمامة. وهو المرويّ عن الباقر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام.
وفي تفسير العيّاشيّ (٥) ، رواه بأسانيد عن صفوان الجّمال. قال : كنّا بمكّة ، فجرى الحديث في قول الله [(وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ).» قال : أتمهنّ بمحمّد وعليّ والأئمة من ولد عليّ ـ صلّى الله عليهم ـ في قول الله (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).»] (٦).
ثمّ قال : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً).
قال : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)؟
(قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).» قال : يا ربّ! ويكون من ذرّيّتي ظالم؟
قال : نعم! فلان وفلان وفلان ومن اتّبعهم.
قال : يا ربّ! فعجّل لمحمّد وعليّ ما وعدتني فيهما. وعجّل نصرك لهما.
[وإليه أشار] (٧) بقوله (٨) : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ ، إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ. وَلَقَدِ
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ١ / ١٢١ ، ح ٣٤٤ ، نقلا عن الاحتجاج.
(٢) لقمان / ١٣.
(٣) إبراهيم / ٣٥.
(٤) مجمع البيان ١ / ٢٠٢.
(٥) تفسير العياشي ١ / ٥٧ ـ ٥٨.
(٦) يوجد في المصدر.
(٧) يوجد في المصدر.
(٨) البقرة / ١٣٠.