إذا (١) توجّهتم بأمره ، فثمّ الوجه الّذي تقصدون منه الله وتأملون ثوابه.
ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : يا عباد الله! أنتم المرضى (٢) والله ربّ العالمين كالطّبيب. وصلاح المريض (٣) فيما يعلمه الطّبيب ويدبّره. لا فيما يشتهيه (٤) ويقترحه.
ألا فسلّموا لله أمره ، تكونوا من الفائزين (انتهى)
وهذا الخبر ، كما تراه ، يدل على نفي البداء لله تعالى.
وقد روى محمّد بن يعقوب (٥) ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الرّيّان بن الصّلت. قال : سمعت الرّضا ـ عليه السّلام ـ يقول : ما بعث الله نبيّا إلّا بتحريم الخمر وأن يقرّ لله بالبداء.
فوقع (٦) التّنافي بين الخبرين.
وقد روى عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال (٧) : «لو علم النّاس ما في القول بالبداء من الأجر ، ما فتروا (٨) عن الكلام فيه.»
فينبغي التّكلّم في الجمع بين الخبرين :
فأقول : البداء له معنيان :
الأوّل ـ أن يبدو له رأي غير الرّأي الأوّل لمفسدة في الرّأي الأوّل ، أو لمحمدة في الرّأي الثّاني ، لم يعلم به سابقا. وهو بهذا المعنى ، منفيّ عنه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
وهو المراد في الخبر الأوّل.
والثّاني ـ أن يكون في علمه السّابق أنّ الصّلاح في وقت معيّن ، في الفعل الفلانيّ. وإذا جاز ذلك الوقت ، فالمصلحة في الشيء الفلاني. وكان في علمه السّابق تغيير (٩) ذلك الشيء ، إذا جاء وقته. أو كان مقرّرا في علمه السّابق أنّ زيدا (١٠) إن لم يعمل بالخيرات ، مات في وقت كذا ، وإن عمل ، مات في وقت بعده ، مع علمه بوقوع أحدهما. لكن كان ذلك العلم مخزونا عنده ، لا يبديه لأحد من ملائكته وأنبيائه وأئمّته. والبداء انّما يكون بهذا المعنى.
__________________
(١) المصدر : يعنى إذا.
(٢) المصدر : كالمرضى. وهو الظاهر.
(٣) المصدر : فصلاح المرضى.
(٤) المصدر : ويدّبره به. لا فيما يشتهيه المريض.
(٥) الكافي ١ / ١٤٨ ، ح ١٥.
(٦) أ : فرفع.
(٧) نفس المصدر ونفس الموضع ، ح ١٢.
(٨) أ : ما قروا ر : وما مروا.
(٩) بغير.
(١٠) أ : أنّ الصلاح في وقت معيّن في الفعل الفلاني أنّ زيدا.